التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9}

صفحة 245 - الجزء 1

  · النزول: قيل: نزلت الآية في المنافقين، وذكر الأصم عن بعضهم أن علماء اليهود أتوا النبي ÷ وقال بعضهم لبعض يخص به: إنا لنعرف نعته، وإنه رسول اللَّه، فلما رجعوا إلى أصحابهم، قالوا: إنا نستهزئ به، فأنزل اللَّه تعالى «يخادعون اللَّه».

  · المعنى: ثم ذكر تعالى صفة المنافقين فقال: «يُخَادِعُونَ اللَّه» قيل: يخادعون أولياءه، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤذون اللَّه} أي أولياءه، عن الحسن، وقيل: يخادعون رسول اللَّه ÷ عن أبي علي، فأضاف خداعه إلى نفسه تعظيمًا له وتشريفًا، وقيل: يعملون عمل المخادع، وإن كان اللَّه لا يخادع، كما يقال للمرائي: ما أجهله، يخادع اللَّه، وهو أعلم به من نفسه، قال الشاعر:

  سَأَلَتْنِي عَنْ أُناٍس هَلَكُوا ... شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وَأَكَلْ

  يعني كأنه شرب، وقد تذكر المفاعلة، ويراد به الفعل من واحد، يقال: قاتله، وعافاه اللَّه، وعاقبت اللص، قال اللَّه تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ٢١} كذلك يخادعهم إنما هو من واحد، وقيل: معناه يخادعون اللَّه على ظنهم، وذلك أنهم لما ظنوا أن خداعهم يفيد عند اللَّه كما يفيد عند المؤمنين، كقوله: {وَاَنظُر إِلى إِلهِكَ} يعني: على زعمك وظنك.

  ومتى قيل: ما كان الغرض في خداعهم؟