التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم 18 قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون 19 وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين 20 اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون 21 وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون 22 أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون 23 إني إذا لفي ضلال مبين 24 إني آمنت بربكم فاسمعون 25 قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون 26 بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين 27 وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين 28 إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون 29 ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون 30}

صفحة 5874 - الجزء 8

  ظاهر القراءة: «يَا حَسْرَةً» بالفتح والتنوين، وعن عكرمة بجزم الهاء.

  وقرأ نافع: {يُنْقِذُونِ} بإثبات الياء على الأصل، الباقون بحذفها للتخفيف ودلالة الكسر عليه في الوصل والوقف.

  · اللغة: التطيّر: التشاؤم؛ ولذلك قيل: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي: الشؤم كله معكم؛ لإقامتكم على الكفر، وأصله: زجر الطير الذي كانت العرب تفعله.

  والرجم: الرمي بالحجارة، رجم يرجم رجمًا، ورَجَّمَ بالغيب ترجيمًا.

  · الإعراب: جواب: {أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ} تطيرتم.

  {ءَأَتَّخذُ} ألف الاستفهام، والمراد الإنكار.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما جرى بين الرسل وبين قومهم، فقال سبحانه: «قَالُوا» يعني: الكفار لرسلهم «إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ» أي: تشاءمنا، قيل: حبس عنهم المطر، فقالوا: هذا بِشَرِّكُمْ، عن مقاتل. وقيل: أرادوا: خفنا أن يصيبنا بسببكم مكروه؛ لأنهم كانوا يعتقدون أنهم متى خالفوا الأصنام أصابتهم مصائب في أموالهم وأنفسهم، وقيل:

  أرادوا عذاب الاستئصال خافوا ذلك لما سمعوا من أخبار الأمم «لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا» أي: لئن لم تَدَعُوا هذا الذي دعوتمونا إليه «لَنَرْجُمَنَّكُمْ» قيل: نرميكم بالحجارة حتى نقتلكم، عن قتادة. وقيل: لنقتلنكم «وَلَيَمَسَّنَّكُمْ» أي: يصيبنكم «مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ» وجيع، قيل: قَتْلٌ أو حرقٌ أو ما أشبه ذلك «قَالُوا» يعني: الرسل لقومهم «طَائِرُكمْ مَعَكُمْ» أي: شؤمكم معكم، وهو الكفر الموجب للعذاب، فأما الدعاء إلى التوحيد وعبادة الله ففيه البركات ولا شؤم فيه. وقيل: حظكم من الخير والشر، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: أعمالكم، عن قتادة. وقيل: أمركم، عن الحسن. «أَئِنْ