قوله تعالى: {قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم 18 قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون 19 وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين 20 اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون 21 وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون 22 أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون 23 إني إذا لفي ضلال مبين 24 إني آمنت بربكم فاسمعون 25 قيل ادخل الجنة قال ياليت قومي يعلمون 26 بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين 27 وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين 28 إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون 29 ياحسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون 30}
  وأُدْخِلَ الجنة للظاهر، وهو قول أبي علي. {قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ٢٦ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}، من المعظمين في الجنة {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ٢٨ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً}، قيل: كان إهلاكهم بأسرهم من صيحة واحدة حتى هلكوا عن آخرهم «فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ» أي: هالكون، يعني: كان أمرهم أهون من أن يحتاج فيه إلى إنزال جند من السماء؛ بل أهلكوا بصيحة، وقيل: لما قتلوا حبيب النجار غضب الله عليهم، فبعث جبريل فصاح بهم صيحة ماتوا عن آخرهم «فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ» ميتون هالكون «يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ» قيل: إن الله تعالى يقول: يا حسرة وكآبة عليهم حين لم يؤمنوا. وقيل: فمعناه: حلوا محل من يُتَحَسَّرُ عليه، وقيل «معناه: يا حسرة على العباد على أنفسهم، عن قتادة، ومجاهد. قال أبو العالية: لما عاينوا العذاب قالوا: يا حسرة على العباد، يعني: على [مكذبي] الرسل حيث لم يؤمنوا بهم، فتمنوا الإيمان حيث لم ينفعهم «مَا يَأتِيهِمْ مِنْ رسُول إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ» قيل: هذا من كلام الرجل المؤمن، وقيل: إنما تقع هذه الحسرة عند النزع، وقيل: في القيامة، وقيل: كانت هَؤُلَاءِ الرسل في أيام ملوك الطوائف، وقيل: العرب تخرج ما تريد تعظيمها من الخطب على لفظ النداء يقولون: يا ويح زيد، ولا ويل عمرو، والغرض التنبيه على عظيم الخطب، قال تعالى: {يَاحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ}[الزمر: ٥٦] كأنه قال: يا حسرة، أجيبي؛ فهذا وقتك.
  · الأحكام: يدل قوله تعالى: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا} أن القوم خالطهم أمر؛ إما العذاب وإما مصيبة في الدنيا؛ لذلك قالوا ذلك.
  ويدل قوله: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ} على تفخيم شأن ذلك الرجل وعظم محل الأمر بالمعروف، وروي عن النبي ÷: «سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين: صاحب (يس)، ومؤمن آل فرعون، وعلي بن أبي طالب، فهم الصديقون».