قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون 183}
  والسدي. وقيل: في نفس الصوم، يعني كتب علينا صيام أيام كما كتب عليهم، عن الأصم وأبي علي وأبي مسلم، وأنكر الأصم قول الحسن. قال القاضي: وما روي في ذلك خبر واحد ضعيف، فما هم عليه من النقل أولى «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» قيل: لتتقوا المعاصي بفعل الصوم، عن أبي علي. وقيل: لتتقوا ما حرم عليكم في الصوم، عن السدي. وقيل: لتكونوا أتقياء لما لطف لكم في الصوم.
  ومتى قيل: ما وجه اللطف في الصوم؟
  قلنا: قيل: إنه يضعف البدن، ويصرفه عن الشهوات؛ ولذلك قال ÷: «خصاء أمتي الصوم» وقال: «الصوم جنة» وقيل: لأنه إذا جاع وعطش تذكر جوع الآخرة وعطشها وحاجة أهل النار إلى ذلك حتى قالوا {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} وقيل: فيه تذليل النفس، ومنعها من الشهوات.
  · الأحكام: الآية تدل على وجوب الصوم، والخطاب وإن كان للمؤمنين فالصوم لازم للجميع فيجب على الكفار بشرط تقديم الإيمان، كما تجب الصلاة على المُحْدِث بشرط تقديم الطهارة، وقد بَيَّنَّا فائدة تخصيص المؤمنين بالذكر.
  وتدل على أن الصوم كان في شريعة من قبلنا كما في شريعتنا.
  وتدل على أنه تعالى أراد من الجميع التقوى؛ لأن معنى الكلام لتتقوا بفعل الصوم، فلا بد من شرائط في الصيام والوقت والفعل، فأما الصوم فيصح من العاقل،