التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هذا وإن للطاغين لشر مآب 55 جهنم يصلونها فبئس المهاد 56 هذا فليذوقوه حميم وغساق 57 وآخر من شكله أزواج 58 هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالو النار 59 قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار 60 قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار 61}

صفحة 6017 - الجزء 8

  · المعنى: ثم عقب الوعد بالوعيد كعادة الله في كتابه، فقال تعالى: «هَذَا» يعني: هذا الثواب للمتقين «وَإنَّ لِلطَّاغِينَ» قيل: العصاة، عن أبي علي. وقيل: الكفار «لَشَرَّ مَآبٍ» مرجع، ولا مآب شر من نارٍ تلظى. وقيل: (هذا) خبر ابتداء، يعني: الأمر هذا الذي أخبرتك به، وقيل: هو تكرير للتأكيد.

  ثم فسر المآب، فقال سبحانه: «جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا» أي: يدخلونها فيصيرون صِلاَءَ جهنم، أي: وقودًا وحطبًا، عن أبي مسلم. «فَبِئْسَ الْمِهَادُ» أي: بئس الفراش لمن تمهدها «هَذَا» بَيَّنَّا الكلام فيه «فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ» أي: حار منتهى في الحرارة «وَغَسَّاقٌ» قيل: هو القيح الذي يسيل منهم يجمع ويسقونه، عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وقتادة، والأخفش. وقيل: هو عين في جهنم تسيل إليها كل ذات حمة من حية. وعقرب، عن كعب. وقيل: هو قيح شديد النتن، وهو ما يسيل من أعينهم من دموعهم يسقونه مع الحميم، عن السدي. وقيل: هو ما يأخذ بالحلق، عن أبي علي. وقيل: هو الزمهرير الذي يحرق ببرده كما تحرق النار بحرارتها، عن ابن عباس. فكأنه يطاف بهم بين حر شديد، وبرد شديد، نعوذ بِاللَّهِ منه، وقيل: البارد الذي انتهى برده، عن مجاهد، وقتادة. «وَأُخَرُ» بضم الألف، يعني: أصنافًا من العذاب على الجمع، ومن فتح الألف ووحَّد فالمعنى: عذاب آخر «مِنْ شَكْلِهِ» أي: من صنف العذاب وجنسه في الشدة، قيل: إنه الزمهرير، عن ابن مسعود. وقيل: السلاسل والأغلال ونحوه، عن الحسن. «أَزْوَاجٌ» قيل: أقران من كل نوع. وقيل: مجموعه بعض الأنواع إلى بعض كالسلاسل والأغلال مضمومة إلى الحميم والغساق «هَذَا فَوْجٌ» أي: جماعة «مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ» داخلون في جهنم معكم، وفي الكلام حذف، أي: يقال لهم: هذا فوج، قيل: هم قادة الضلالة إذا دخلوا النار ثم يدخل الأتباع، فتقول الخزنة للقادة: «هذا» يعني: الأتباع «فَوجٌ» جماعة «مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ» في الأتباع صالوا، النار، عن