قوله تعالى: {قل هو نبأ عظيم 67 أنتم عنه معرضون 68 ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون 69 إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين 70}
  · المعنى: ولما تقدم الوعد والوعيد عقبه بتوبيخهم على إعراضهم، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد: «هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ» أي: خبر عظيم، قيل: القرآن، عن ابن عباس، وقتادة، والسدي، ومجاهد. ووصفه بالعظم؛ لما فيه من الأنباء، والأوامر، والزواجر، والأحكام، وقال بعضهم: لأنه معجز من كلام الله تعالى، وقيل: لأن فيه التوحيد، والعدل، والقصص، والشرائع، وجميع ما يحتاج إليه، وقيل: هو يوم القيامة، عن الحسن. وذكر عظيم؛ لما فيه من الثواب والعقاب. وقيل: ما أخبركم به بأني منذر إنه نبأ عظيم [مع] إعراض منكم «مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلأِ الأَعْلَى» أي: وجوه الملائكة، والملأ: الجماعة الأشراف «إِذْ يَخْتَصِمُونَ» يتناظرون، قيل: اختصموا في حديث آدم وقالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا}[البقرة: ٣٠] عن ابن عباس، وقتادة، والسدي. فما علمت ما كانوا فيه إلا بوحي من الله تعالى، وهذا محمول على أنهم تناظروا أولاً فيما بينهم، ثم دعوا إلى الله تعالى فبين لهم، وقيل: اختصامهم فيما طريقه الاجتهاد، وقيل: بل على وجه المذاكرة واستخراج الفائدة؛ لأن بعضهم أعلم من بعض، وقد يجتمع أهل الحق للمناظرة مع اتفاقهم على كلمة واحدة، وهي كلمة الحق؛ إذ لا يجوز أن يختصموا في دفع الحق. وقيل: إن النبي ÷ قال لابن عباس: «أتدري فيم اختصم الملأ الأعلى»؟ قال: قلت: لا، قال: «اختصموا في الكفارات والدرجات، فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السَّبَرَات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. وأما الدرجات: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام»، كأنهم يتناظرون أيها أفضل «إِن يُوحَى إِلَيَّ»