قوله تعالى: {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون 6 إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور 7 وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار 8 أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب 9 قل ياعباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب 10}
  أولها: قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم وحمزة ويعقوب وأبو عمرو بضم الهاء مختلسة غير مشبعة للتخفيف والدلالة على الأصل.
  الثاني: قرأ أبو عمرو ويعقوب في بعض الروايات عنهما: «يَرْضَهْ» ساكنة الهاء بالتخفيف.
  والثالث: قرأ ابن عامر وابن كثير والكسائي ونافع في بعض الروايات مضمومة الهاء مشبعة، وروي نحوه عن ابن عمرو، وعن أبي بكر عن عاصم على الأصل.
  واختلفوا في {لِيُضِلَّ}، فقرأ أبو عمرو ويعقوب بفتح الياء على معنى: يَضِلُّ
  بنفسه، الباقون بضم الياء على معنى: يُضِلُّ غيره.
  واختلفوا في قوله: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ} قرأ ابن كثير ونافع وحمزة: «أَمَنْ» خفيفة الميم، والباقون: «أَمَّنْ» بالتشديد.
  أما التخفيف ففيه وجهان:
  الأول: أن الألف ألف الاستفهام، والجواب محذوف، على تقدير: كمن ليس كذلك، وقيل: كالذي جعل لله أندادا، فاكتفى بما سبق ذكره، قال الشاعر:
  وَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أَتَانَا رَسُولُه ... سِواكَ وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكَ مَدْفَعًا
  فحذف (لدفعناه) وهو مراد.
  الثاني: أن يكون ألف نداء، كأنه قيل: يا مَنْ، والعرب تنادي بالألف، كما تنادي بالياء، فتقول: أَزيدُ أقبل، وأَيْ زيدُ، قال الشاعر:
  أَبَني كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذا ... قَتَلا الملوكَ وفَكَّكا الأَغْلالا
  · المعنى: يا من هو قانتٌ، أنت من أهل الجنة.