التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب 21 أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين 22 الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد 23 أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون 24}

صفحة 6053 - الجزء 8

  وَهُمْ سَلَكُوكَ فِي أَمْرٍ عَصِيبِ

  والينابيع: جمع يَنْبوعٍ، وهي العيون في المكان الذي ينبع منه الماء، نبع الماء: إذا جاز من العين نبوعًا، ونوابع البعير: مسائل عَرَقِهِ.

  والهيج: شدة الاضطراب بالانقلاب، هاج هيجًا وهيجانًا، والهيج: الجَفَافُ والهَيْج: الْحَرَكَة، والهَيْج: الفِتْنة والهَيْج: هَيَجان الدَّم أَو الْجِمَاع أَو الشَّوق.

  والحَطْمُ: كسر الشيء اليابس، والمحطوم: المكسور، ومنه سُمِّي جهنم حطمة؛ لأنها تكسر كل شيء. ومنه: الحطيم بمكة، قال النضر: لأن البيت رفع وترك ذاك محطومًا، وهو حجر الكعبة مما يلي الميزاب.

  الشرح: الانفتاح والسعة، يقال: شرح صدره: إذا انفتح، واتسع بالشيء فيقبله، وشرحت الأمر: بينته، وشرحت اللحم: فتحته، وهي الشريحة.

  والقسوة: الضلالة، وكل صلب فهو قاس، ومنه: قسوة القلب: جفاؤُهُ وغلظته، ومثله القساوة.

  مثاني: جمع مثنى، مأخوذ من الاثنين، وهو المردد المكرر، تقول: ثنَيت وثنّيت مخففًا ومشددًا: إذا أضفت إليه مثله.

  · الإعراب: نصب {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} على التمييز، فميز القرآن من جملة الأحاديث، وقيل:

  هو بدل من «أَحْسَنَ الْحَدِيثِ».

  ويقال في قوله: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} كالقاسية قلوبهم، وقيل:

  محذوف، تقديره: أفمن شرح الله صدره للإسلام بالدلائل ومثلها، وصار مسلمًا