التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز 41 لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد 42 ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم 43 ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد 44 ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب 45}

صفحة 6206 - الجزء 9

  «وَلَقَدْ آتَينَا» أعطينا «مُوسَى الْكِتَابَ» يعني التوراة «فَاخْتُلِفَ فِيهِ» أي: كما صنع قومك من التكذيب كذلك فعل قوم موسى «وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَينَهُمْ» أي: لولا وعد الله سبقهم إلى أجل مضروب لأهلكهم، وقيل: لولا كلمة سبقت في تأخير العذاب لفرغ من عذابهم وهلاكهم، وقيل: لولا ما أوجب الله على نفسه من الرحمة بإمهالهم ليتوبوا لأهلكهم، وقيل: الكلمة السابقة قوله تعالى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوعِدُهُمْ}⁣[القمر: ٤٦] أي: لولا أنه وعد تأخير جزائهم إلى يوم القيامة لعجل لهم العذاب «وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» أي: هم في شك وتهمة، والريب شك مع تهمة.

  · الأحكام: تدل الآيات على حَدَثِ القرآن لقوله: {تَنْزِيلٌ} ولقوله: {جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا} وكلاهما لا يليق بصفة القديم.

  ويدل قوله: {حَكِيمٍ} أ نه لا يفعل القبيح، ولا يخلق الكفر والقبائح.

  وتدل على أن القرآن كله عربي ليس فيه غير لغة الجرب، خلاف ما يقوله بعضهم.

  ويدل قوله: {هُدًى} أنه يعرف به الأحكام.

  وتدل أنه إنما جعل القرآن عربيًّا لقطع عذرهم إنما يتخذ فيقولوا بأننا عرب فلا نعرف لغة العجم، فإذا كان الله تعالى قطع هذا العذر فكيف يخلق فيهم الكفر، ويمنعهم من الإيمان؟

  وتدل على أن القرآن حجة.

  ويدل قوله: {لَفِي شَكٍّ} أن المعارف مكتسبة.