قوله تعالى: {فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير 11 له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم 12 شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب 13 وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب 14 فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير 15}
  عن أبي مسلم، وقيل: قد ظهرت الحجة، فإذا لم تقبلوا فلا سبيل إلى المحاكمة إلى اللَّه تعالى. «اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا» يوم القيامة لفصل القضاء «وَإلَيهِ الْمَصيرُ» إلى حكمه المرجع، وقيل: إلى الموضع الذي لا حكم فيه إلا له.
  · الأحكام: تدل الآيات الأولى أنه فاطر السماوات والأرض، فيبطل قول المفوضة.
  وتدل على أنه لا مثل له، فيبطل قول المشبهة والمجسمة، ومن يُثْبِتُ له جهة ومكانًا.
  ويدل قوله: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ} وهو أنه المنعم بالأرزاق وجميع النعم، وأنه قادر على جميع الأشياء.
  ويدل قوله: «شرع» على أن الأنبياء كلهم بعثوا للدعاء إلى الدين؛ لأن قوله: «أَقِيمُوا الدِّينَ» كالتفسير له، وهذا لا يليق إلا بالتوحيد والعدل دون الشرائع التي تختلف.
  واستدل بعضهم بالآية على أنه ÷ كان مُتَعَبَّدًا بشرائع مَنْ تقدم، وهو بعيد؛ لأنه إذا حمل الآية على ما قدمنا فلا حجة لهم فيه، وأيضًا فقول فَقْد الشرائع لا يدل على ما قالوا؛ لأن كل واحد إنما يجيء بوحي محدد، فهو شرع مبتدأ فلا يكون بعضهم تبعًا لبعض.
  ويدل قوله: {اللَّهُ يَجْتَبِي} أن الرسالة ليست بمستحقة ولا جزاء، وإنما يبعث مَنْ يصلح.
  ويدل قوله: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} أنه يثيب المؤمنين دون غيرهم، وقد