التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون 37 والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون 38 والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون 39 وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين 40 ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل 41 إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم 42 ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور 43}

صفحة 6260 - الجزء 9

  خلاف قول أبي علي؛ لأنه باعتمادات الريح تجري السفن، ولا يقال: إن السبب يؤذن بالحاجة؛ لأن الحاجة للفعل لا للفاعل، فهو كالمحل للأعراض، ولأنه يقدر أن يفعل بغير سبب أمثال ما يفعله بسبب، وإنما يفعل بسبب لضربٍ من المصلحة.

  ويدل آخر الآيات على الترغيب في الآخرة، والتزهيد في الدنيا.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ٣٧ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣٨ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ٣٩ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ٤٠ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ٤١ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٤٢ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ٤٣}

  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي: «كَبِيَر الْإِثْمِ» بغير ألف وكسر الباء على واحد، وحملوه على الشرك، وفي سورة (النجم) مثله، وقرأ الباقون: «كبائر» بالألف والهمز والمد على الجمع في السورتين، حملوا على جميع الكبائر، وقيل في الأول: إن المراد به الجنس.

  · اللغة: الاجتناب عن الشيء: التباعد منه، ومنه: الجنابة.

  والباغي: المتطاول على غيره بالظلم، ومنه: البغاة، وأصل البغي: الطلب، ومنه قول عليٍّ #: (إخواننا بغوا علينا).