قوله تعالى: {بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون 22 وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون 23 قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون 24 فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين 25}
  · اللغة: الأمة: الجماعة على طريقة واحدة، كأنهم أَمُّوا جهةً واحدة، وأصله: القصد.
  والمترف: الذي آثر طلب الترفه على طلب الحجة، وكذلك النظر، وأصل الإرْفَاهُ: التنعم والدعة.
  · المعنى: ثم بيَّنَ تعالى أن مبنى أمرهم على التقليد، فقال - سبحانه -: «بَلْ قَالُوا» يعني المشركين، وهو جواب الاستفهام، وردًّا لمقالتهم، يعني لم يشهدوا خلقهم، ولا رجعوا إلى كتاب؛ بل قالوا: «إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ» قيل: ملة، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وأبي مسلم، والسدي. وقيل: الأمة الجماعة، أي: كانوا مجتمعين موافقين على هذا الذي نحن عليه، عن أبي علي. «وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ» فلا نخالفهم «وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ» يا محمد «فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ» أي: نبي «إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا» أي: رؤساؤها ومنعموها، وإنما خصهم بالذكر وإن كانت العامة موافقة لهم؛ لأن الخطاب يتوجه إليهم، ولأن العامة تبع لهم «إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ» على طريقة، وقيل: وجدناهم مجتمعين على هذا «وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ» نقتدي بهم، فلا نخالفهم «قُلْ» يا محمد: أتتبعون آباءكم وإن «جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ» يعني أصوب وأولى لما عليه من الدليل فـ «قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ، فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ» قيل: عذبناهم بكفرهم كالمنتقم، وقيل: انتقمنا للمؤمنين منهم ومن إيذائهم «فَانظُرْ كيفَ كَانَ عَاقبةُ الْمُكَذِّبِينَ».