قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون 57 وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون 58 إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل 59 ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون 60 وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم 61 ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين 62 ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون 63 إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم 64 فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم 65 هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون 66}
  · اللغة: الجدل: مقابلة الحجة بالحجة، والمناظرة: دفع الحجة بنظيرها، وقيل: الجدل: اللَّدَدُ في الخصام، رجل جَدِلٌ، وأصله: من جَدْلِ الحَبْلِ، وهو شدة فتله، ومنه سمي الحبل الذي يجعل في رأس البعير جَدِيل، ورجل مجدول الخلق: شديد، وقيل: أصله من الجَدَالَةِ، وهي الأرض، [و] المُجَدَّلُ: المُلْقَي بالجَدَالَةِ، فكأن كل واحد من الخصمين يروم إلقاء صاحبه على الجدالة.
  والخصم: الذي من شأنه المخاصمة، والخصم مصدر خصمته خصمًا؛ فلذلك لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وكان معناه: «ذا» خصم.
  والامتراء: افتعال من المرية، وهي الشك في تهمة، اِمْتَرَى وتمارى: شك، والمراء والمماواة: الجدال، والمراء أيضًا الشك، وأصل الباب من مَرَى يَمْرِى: إذا مسح الضرع لِيُدِرَّ، فكأن المجادل يستخرج بالمناظرة الكلام والمعاني.
  والأحزاب: جمع حزب وهم الجماعة اجتمعوا من كل أَوْب، يقال: تحزب القوم: اجتمعوا.
  والبغتة: الفجأة.
  والساعة: القيامة، سميت بذلك لقرب أمرها، كأنها تكون ساعة، ثم يحصل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وقيل: لأنها ابتداء أوقات الآخرة، فهي ابتداء تجديد الساعات.
  · المعنى: ثم عطف قصة عيسى على حديث موسى #، فقال - سبحانه -: «وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً» يعني عيسى، واختلفوا في [مَنْ] ضَرَبَ المثل، فقيل: ضرب الله مثل عيسى بأنه خلقه من غير أب.