التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون 57 وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون 58 إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل 59 ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون 60 وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم 61 ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين 62 ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون 63 إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم 64 فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم 65 هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون 66}

صفحة 6323 - الجزء 9

  الأرض، وقيل: لجعل منكم ملائكة أي: على صور الملائكة «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ» قيل: الضمير يعود إلى عيسى، يعني بنزوله تُعْلَمُ الساعة، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، وابن زيد، والسدي. وقيل: الضمير يعود إلى القرآن، أي: يُعْلِمُكُمْ بقيامها، ويخبركم عنها وعن أهوالها، عن الحسن، وقيل: القرآن دليل القيامة؛ لأنه آخر الكتب أنْزِلَ على آخر الأنبياء، عن أبي مسلم، وقيل: إذا نزل المسيح رفع التكليف؛ لأنه لا يكون مرسلاً إلى أهل ذلك الزمان، وقيل: إنه يقتل الدجال، ويقتل النصارى والخنازير، ويخرب البيع والكنائس «فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا» أي: لا تَشُكُّوا فيها «وَاتَّبِعُونِ» في عبادة الله وحده «هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ» طريق واضح قيم «وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ» أي: لا يصرفنكم «الشَّيطَانُ» بوساوسه عن دين الله «إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» بَيِّنُ العداوة ظاهر، يدعوكم إلى الضلالة التي هي سبب هلاككم، وقيل: لا يصدنكم عن هذا الطريق المستقيم الذي دعوتكم إليه، عن أبي علي. «وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ» قيل: الإنجيل، عن قتادة، وقيل: المعجزات الدالة على نبوته، وقيل: أدلة التوحيد «قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ» قيل: بالنبوة، وقيل: بالعلم بالتوحيد والعدل والشرائع «وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ» أي: أظهر الحق من الباطل؛ لأن الخلاف ظاهر لا يحتاج إلى بيان، وإنما ذكر البعض؛ لأنه بين الخلاف المتعلق بالديانات والشرائع، وقيل: البعض ههنا بمعنى الكل، وقيل: معناه: يختلفون فيه من أحكام التوراة، وكانوا حرفوها وصاروا متفرقين، عن مجاهد. «فَاتَّقُوا اللَّهَ» أي: معاصيه «وَأَطِيعُونِ» فيما أوحي إلي، وآمركم به «إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ» ولا تعبدوا غيره «هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ» أي: طريق واضح مستمر على السداد «فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ» أي: الجماعة «مِنْ بَينِهِمْ» قيل: اختلف اليهود والنصارى في أمر عيسى، فزعمت النصارى أنه إله، وزعمت اليهود أنه من غير رَشْدَة، عن السدي، وقيل: هو