التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين 15 أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون 16 والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين 17 أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين 18 ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون 19 ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون 20}

صفحة 6415 - الجزء 9

  عبد الرحمن بن أبي بكر: لقد جئتم بها هرقليّة تبايعون لأبنائكم، قال مروان: هذا الذي يقول الله فيه: {أُفٍّ لَكُمَا} فبلغ ذلك عائشة، فغضبت له، وقالت: والله ما هي به، ولو شئت لسميته، ولكن الله لعن أباك، وأنت في صلبه.

  وقيل: إنه تعالى أجاب دعاء أبي بكر فيه، فأسلم وحسن إسلامه، وعن الحسن، وقتادة أن الآية عامة، وهي نَعْتُ كافرٍ عاق لوالديه، ويدل عليه أنه قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} الآية، وعبد الرحمن أسلم وحسن إسلامه، فالظاهر أنه من قوم دخلوا النار.

  · الإعراب: الواو في قوله: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} واو عطف على قوله: {وَوَصَّينَا}، عن أبي مسلم.

  «بها» قيل: الكناية ترجع إلى الدرجات، وقيل: إلى الطيبات.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال من آمن، وحال من كفر، فقال - سبحانه -: «أُوْلَئِكَ» يعني من تقدم ذكره في قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ}، «الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ» أي: نقبل بإيجاب الثواب لهم «أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا» يعني أحسن أعمالهم، وهو الطاعات؛ لأن المباح أيضًا حسن، وقيل: الأحسن ما خلص من كبيرة يحبطها «وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ» أي: عن معاصيهم، فلا نعاقبهم عليها، قيل: هي صغائرهم تغفر لهم، وقيل: جميع ذنوبهم يغفرها بالتوبة، وهو الوجه؛ لأن الآية عامة، ولأنه تقدم قوله: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ}، (فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ) قيل: مع أصحاب الجنة، (في) بمعنى (مع)، وقيل: ندخلهم في