التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا 21 ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا 22 سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا 23 وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا 24 هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما 25}

صفحة 6506 - الجزء 9

  تَعْلَمُوهُمْ» أي: لا تعلمونهم بأعيانهم «أَنْ تَطَئُوهُمْ» تقتلوهم، أو تنالهم جراح، وقيل: تطأهم الدواب والجيش بغير علم، وقيل: لا يبعد إذا انهزموا أن تميلوا عليهم فتقتلوهم حنقًا «فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيرِ عِلْم» قيل: إثم، عن ابن زيد، وقيل: غرم الدية، عن ابن إسحاق، وقيل: كفارة، وقيل: يعيبهم المشركون بأنهم قتلوا أهل دينهم، وقيل: غم بقتل من لا ينبغي أن يقتل «لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ» بين أنه جعل ذلك لأجل هذا الغرض، قيل: ليدخل المؤمنين والمؤمنات، قيل: في الإسلام بلطفه من الكفار «مَنْ يَشَاءُ». «لَوْ تَزَيَّلُوا» قيل: لو تميز المؤمنون من الكفار، وقيل: هم المؤمنون الَّذِينَ في أصلاب الكفار لو تميزوا منهم «لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» وجيعًا، قيل: لعذبنا بالقتل والأسر، وقيل: بالسيف، وقيل: بالنار في الآخرة.

  · الأحكام: يدل أول الآيات على بشارة المسلمين بفتح البلاد، وقد وجد كما أخبر، فهو معجزة له ÷، وكذلك قوله: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} من علوم الغيب.

  وتدل على أنه يعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون، فيدل على أن المعدوم معلوم.

  وتدل على بطلان مذهب الْمُجْبِرَة من وجوه:

  منها: قوله: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} يدل أن القتال فِعْلُهم،