التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون ياأولي الألباب 197}

صفحة 818 - الجزء 1

  على أعمال الحج. «فلا رفث» قيل: أراد مواعدة الجماع والتعريض للنساء به، عن ابن عباس وابن عمر وعطاء. وقيل: الجماع، عن ابن مسعود وقتادة. وقيل: الجماع والتعريض له بمواعدة أو مداعبة، عن الحسن. وقيل: حاجات الرجال إلى النساء، عن الأصم. وقيل: الرفث: الفحش وقول القبيح. «ولا فسوق» قيل: ما نهي المُحْرم عنه كقتل الصيد وغيره، عن ابن عمر. ذكر بعضهم أنه خص النهي بالإحرام فوجب أن يرجع إلى ما نهي لأجله عنه، وهذا لا يصح؛ لأنه قد خص بالذكر لعظم الحرمة في تلك الحال كما يقال: لا تعص اللَّه في رمضان وفي الحرم، وكقوله تعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} وقيل: معاصي اللَّه كلها، عن ابن عباس والحسن وقتادة وجماعة. وقيل: التنابز بالألقاب لقوله: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ} عن الضحاك، وقيل: الذبح للأصنام عن ابن زيد، وقيل: السباب، عن إبراهيم ومجاهد، ولقوله: «سباب المسلم فسق وقتاله كفر».

  «وَلاَ جِدَالَ» قيل: لا مراء ولا سباب على جهة اللجاج، عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وإبراهيم وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: لا شك في أن الحج قد استدار في ذي الحجة، عن مجاهد والسدي. قال القاضي: ولا يمنع أن تحمل الثلاثة على ما بَيَّنَّا في صفة الحج، فيكون مؤقتًا للظاهر حقه، فالرفث: الجماع الذي يحرمه الإحرام، والفسوق: الجماع المحرم في كل حال، والجدال: الشك في الحج، وهو كقولهم: يجب أم لا يجب؟ «وما تفعلوا من خير» طاعة «يعلمه اللَّه» يجازيكم به «وتزودوا» من الطاعات «فإن خير الزاد التقوى» وقيل: تزودوا من الطعام، عن الحسن وقتادة ومجاهد. وقيل: من الأعمال الصالحة، عن أبي علي وأبي مسلم والأصم. «واتقون يا أولي الألباب» يا ذوي العقول.