التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود 12 وعاد وفرعون وإخوان لوط 13 وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد 14 أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد 15 ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد 16 إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد 17 ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد 18 وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد 19}

صفحة 6555 - الجزء 9

  لرجل: أَمِنْ أهل الرس؟ قيل: أهل الرس الَّذِينَ يبتدئون الكذب ويوقعونه في أفواه الناس، وقد رَسَّ يَرُسُّ رَسًّا.

  والأيكة: الغَيْضَة، والجمع: أَيْكٌ، وكل مكان فيه شجر ملتف، فهو أيكة.

  وتُبَّعٌ: ملك من ملوك اليمن، وجمعه: تَبَابِعَةٌ، سمي بذلك؛ لأنه إذا مات واحد تبعه آخر فكان بدلاً منه، وأصله من الاتباع، وقيل: سمي بذلك لكثرة أتباعه، وقيل: ذلك لقب لهم كقولهم: قيصر وكسرى، يقال: أتبعه قفاه، واتّبعه بالتشديد: حذا حذره، قال الفراء: تبعه وأتْبَعَهُ، ولحقه وألحقه.

  والعِيُّ: مصدر عَيِيت عيًّا بالأمر إذا لم يعرف وجهه، وأَعْيَيْتُ: إذا تعبتُ، وكل واحد أضله التعب إلا أن أحدهما في الطلب، والآخر فيما وقع من العمل.

  واللَّبْسُ بفتح اللام: الالتباس، وبضمها لبس الثوب، واللَّبْسُ المنع من إدراك المعنى بما هو كالستر له، وأصله من اللباس، ومنه: لَبَسْتُ الشيء بالشيء: خلطته، فالتبس، قال الشاعر:

  وكتيبةٍ لَبَّسْتُها بكتيبةٍ ... حتى إذا التَبَسَتْ نَفَضْتُ لها يَدِي

  ومنه: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}⁣[البقرة: ٤٢] قال الشاعر:

  ولَمَّا تَلَبَّسَ خَيْل بِخَيْلٍ ... فَيَطَّعِنُوا ويَضْطَرِبُوا اضْطِرَابَا

  والجديد: القريب العهد بالحدوث، وأصله القطع، ومنه: الجِدَادُ: جِدَادُ النخل، وجَدَدْتُ الشيء أَجُدُّهُ جدًّا إذا قطعته، وثوب جديد: قريب العهد بالقطع، ودار جديدة قريب العهد بالبناء، كأنه قطع عن قريب.

  والخلق: الفعل الجاري على تقدير، وقيل: هو الفعل المخترع.