التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير 11 ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم 12 أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون 13}

صفحة 6828 - الجزء 9

  ومتى قيل: كيف أمروا بالتفسح والنشوز؟

  قلنا: هما في حالين، إن كان في الموضع سعة تفسحوا، وإن كان ضيق فانشزوا كي يتسع المكان.

  «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ» من ذلك «خَبِيرٌ» أي: عليم، فيجازيكم بها «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيتُمُ الرَّسُولَ» أي: أعلمتموه سرًا «فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً» أي: تصدقوا قبل المناجاة صدقة، وفيه تعظيم النبي ÷، تقليل النجوى معه تخفيفًا عليه، ونفع للفقير، وثواب يحصل للمعطي، ورفع للأذية عن المسلمين لجواز أن يظن ظان أن مناجاته لأمر يقتضي شغل القلب «ذَلِكَ خَيرٌ» لأن فيه أداء واجب، وتحصيل ثواب مع المنافع التي قدمنا «وَأَطْهَرُ» لكم «فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» لمن لا يجد.

  ومتى قيل: هل كان ذلك واجبًا؟

  قلنا: نعم، ثم نسخ بالآية التي بعدها، عن الحسن، وقتادة. وتلك الآية وإن اتصلت بهذه في التلاوة فيجوز أن تكون متأخرة بزمان في النزول، وروي أنه بقي زمانًا ثم نسخ، عن مقاتل. وقيل: بل كانت ساعة ثم نسخ، عن الكلبي. وقيل: عمل بها علي بن أبي طالب فقط، وقيل: بل عمل بها أفاضل الضحابة، وقيل: كان المنافقون يستثقلونه، عن أبي علي.

  «أَأَشْفَقْتُمْ» أي: خفتم الفاقة فبخلتم بالصدقة «أَن تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيكُمْ» قيل: معناه: إذا كنتم تائبين، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة كفاكم ذلك، وقيل: إذا لم تفعلوا ذلك وشق عليكم ذلك نسخ، فجعل