قوله تعالى: {سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب 211}
  وغيره في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} ثم بَيَّنَ النبوءات بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} ثم خاطب بني إسرائيل، وقص عليهم نبأهم، وما كان في كتابهم من البشارة بهذا الدين والنبي ÷، ثم ابتدأ في ذكر شرائع الإسلام شريعة شريعة، وبدأ بذكر نسخ القِبْلَةِ، ثم بَيَّنَ أن الناس في ذلك على ثلاث فرق:
  مؤمن، وكافر، ومنافق، ووعد وأوعد، وأمر ونهى، فلما استبطأ إيمانهم قال: «هَلْ يَنظُرُونَ ...» الآية، يعني ما ينتظرون بعد الحجج إلا العذاب، ثم بَيَّن أن ترك إيمانهم ليس بتقصير في الحجج، أو من جهة المُكَلِّف أو النقص في المعجزة لكن لخبث طباعهم، وسوء خلتهم، فقد سألوا قبلك يا محمد هذا الصنيع، فقال: «سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
  · المعنى: «سَلْ» يا محمد «بَنِي إِسْرَائِيلَ»، وقيل: سل أيها السامع بني إسرائيل، أولاد يعقوب، وهم اليهود الَّذِينَ كانوا حول المدينة، والمراد به علماؤهم، وذلك سؤال تقريع وتبكيت، لا سؤال تعريف؛ لأن النبي ÷ كان عارفًا به، وهذا كما يقال: سله كم أعذرتُ إليه وحذرته. وقيل: هو سؤال تقرير لتأكيد الحجة عليهم «كَمْ آتَينَاهُمْ» أعطيناهم «مِنْ آيَةٍ» حجة «بَيّنَةٍ» واضحة ظاهرة، وقيل: هي فَلْقُ البحر وتظليل الغمام وغيرها من آيات موسى #، عن الحسن ومجاهد والربيع. وقيل: كم من حجة واضحة لمحمد تدل على صدقه ÷، عن الأصم وأبي علي. «وَمَنْ يُبَدِّلْ» في الكلام حذف، تقديره: فبدلوا وكفروا، يعني آتيناهم الآيات ليؤمنوا، فكفروا وبدلوا فلا تفعلوا أنتم كما فعلوا، وقيل: إن هَؤُلَاءِ فعلوا كما فعل آباؤهم بدلوا بالإيمان كفرًا، وقيل: تبديلهم كتمانهم، وقيل: عُدُولُهم إلى المتشابه عن المحكم، فضلوا وأضلوا.
  والمراد به علماء السوء «وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّه» قيل: كتاب اللَّه، وقيل: ما أودعه من العمل [بما جاءت به] وسله عن الأصم وأبي علي؛ وقيل: ما أمروا به «مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ» أي لزمته الحجة بذلك «فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» قيل: لمن بدل، وقيل: لكل من استحقه.