التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل 1 إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون 2 لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير 3 قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير 4 ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم 5}

صفحة 6870 - الجزء 9

  · القراءة: اختلف القراء في قوله: {يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ}، فقرأ عاصم ويعقوب وأبو حاتم: «يَفْصِل» بفتح الياء وسكون الفاء وكسر الصاد مخففًا، وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء وبفتح الفاء وكسر الصاد مشددة، وقرأ ابن عامر والأعرج بضم الياء وفتح الفاء والصاد مشددة، وقرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو بضم الياء وسكون الفاء وفتح الصاد مخففًا من الفصل، وقرأ النخعي وطلحة بن مصرف بالنون وضمها وفتح الفاء وكسر الصاد والتشديد من «فصَّل يفصِّل»، وقرأ أبو حيوة: «يُفْصِلُ» بضم الياء وسكون الفاء وكسر الصاد مخففة من «أَفْصَل يُفْصِلُ».

  وأجمعت القراء في قوله: «بُرَءَاءُ» على وزن «فُعَلاَء» على مثال برعاج جمع بَرِيءٍ غير متحرك، نحو: فقيه وفقهاء، وقرأ عيسى بن عمر: «بِرَاءٌ» على وزن «فِعَال» بالإجزاء وكسر الباء نحو: قصير وقِصَار، وطويل وطوال.

  · اللغة: الولي: خلاف العدو، والولايةُ نقيضُ العداوةِ.

  والمحبة والمودة من النظائر.

  والمرضاة: الرضا، وهو خلاف الغضب.

  يثقفوكم: يصادفوكم ويجدوكم، يقال: ثَقِفْتُهُ أَثْقَفُهُ ثَقْفًا وأنا ثاقف، ومنه:

  ثقيف، ومنه: المثاقفة طلب مصادفة في المسافة.

  والأسوة: القدوة، ولي فيه أسوة، وهو أن يفعل مثل فعله متأسيًا به، وتأسى به:

  أي اقتدى.

  · الإعراب: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} موضعه موضع الحال، كأنه قيل: لا تتخذوهم أولياء تعلمونهم سرًّا أنكم على مودتهم.