قوله تعالى: {ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا 1 فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3 واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا 4 ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا 5}
  وتدل على وقوعه من حيث كان ظالمًا لنفسه.
  وتدل الآيات على وجوب العدة، والعدة بثلاثة أشياء:
  [الأول]: بالأقراء لِمَنْ تحيض، وقد طلقها زوجها.
  والثاني: بالأشهر للصغيرة، والكبيرة، والمتوفى عنها زوجها.
  وثالثها: بوضع الحمل في الجميع إلا في المتوفى عنها زوجها، فقد بَيَّنَّا الخلاف فيه.
  ثُمَّ للحرة ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر، وللأمة حيضتان أو شهر ونصف شهر، ووضع الحمل لا يختلف، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأكثر الفقهاء، وقال الهادي: عدة الأمة والحرة سواء، وكذلك طلاق العبد عنده ثلاث كطلاق الحر في جميع الأحوال، بخلاف قول أبي حنيفة والشافعي.
  فأما إذا لم تحض لعلة: فقيل: تمكث تسعة أشهر، ثم تعتد بالشهور، روي ذلك عن مالك، وقيل: عدتها سنة، وقيل: تبقى في العدة حتَّى تحيض أو تبلغ حد الأياس، وهو قول أكثر الفقهاء والمروي عن ابن مسعود.
  وتدل على وجوب السكنى؛ لذلك قال: {وَلَا يَخْرُجْنَ}، ولا خلاف أن الرجعية تستحق النفقة والسكنى.
  ثم اختلفوا في المبتوتة؟ فقال أبو حنيفة: لها النفقة والسكنى، وهو قول عمر وعائشة وابن مسعود، وقال مالك والشافعي: لها السكنى ولا نفقة لها، وقال الهادي إلى الحق: لها النفقة ولا سكنى لها، وعن أبي ثور: لا نفقة لها، ولا سكنى.
  فأما الحامل المبتوتة؛ فعند أبي حنيفة تستحق النفقة والسكنى، ووافقه الشافعي ثَمَّ.
  فأما المتوفى عنها زوجها؛ فلا نفقة لها في تركة الزوج عند أكثر الفقهاء، وقال الهادي #: نفقتها ما دامت في العدة من جميع التركة، وهو مروي عن أمير المؤمنين #، وابن مسعود، وابن عمر، وشريح، والنخعي، وسفيان.