التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون 33 إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم 34 أفنجعل المسلمين كالمجرمين 35 ما لكم كيف تحكمون 36 أم لكم كتاب فيه تدرسون 37 إن لكم فيه لما تخيرون 38 أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون 39 سلهم أيهم بذلك زعيم 40 أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين 41 يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون 42 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون 43}

صفحة 7038 - الجزء 10

  والكشف: إزالة الستر، ثم يستعمل كشف الساق في الأمور الشديدة، فيقال: قامت الحرب على ساق، وكشف الأمر عن ساق، وليس للحرب ساق، وإنما يريدون شدتها، قال الشاعر يصف حربًا:

  كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقِهَا ... وَبَدَا مِنَ الشَّرِّ الصُّرَاحِ وقال آخر:

  قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشُدُّوا ... وَجَدَّتِ الْحَرُبُ بِكُمْ فَجِدُّوا

  [والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عَرَدُّ]

  واختلفوا في تشبيه ذلك بكشف الساق، فالأكثر على أن معناه: أنه اشتد الأمر كما يشتد ما يحتاج إلى كشف الساق، ثم كثر في كلامهم حتى صار كالمثل، وذكر أبو مسلم: أن أصله: استخراج ولد الناقة من خبائها عند الولادة، فيدخل الرجل يده ويخرجه، والذي يفعل ذلك يقال له: المُذَمِّرُ، ويتبركون بالأنثى من أولادها، كذلك إذا خرج الرأس قبل الرِّجْل، فإذا كان على خلافه بأن تخرج الرِّجْل قبل الرأس، وكان ذكرًا تشاءموا به، وكرهوه، قال الكميت:

  وَقَالَ المُذَمِّرُ لِلنَّاكِحِينْ ... مَتَى ذُمِّرَتْ قَبْليِ الْأَرْجُلُ وقال آخر:

  قَدْ طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ ... فَذَمَّرُوها ذَكَرًا ضَخْمَ العُنُقْ مَوْتُ الْإِمَامِ فِلْقَةٌ مِنَ الفِلَقْ