التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم 218}

صفحة 875 - الجزء 1

  قلنا: الجملة في قوله: «أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ»، فأولئك ابتداء، ويرجون خبره، والجملة خبر (إنَّ).

  ويقال: ما موضع الكاف من (أولئك)؟

  قلنا: لا موضع لها من الإعراب؛ لأنها حرف الخطاب، وهو ككاف ذاك.

  · النزول: قيل: نزلت في عبد اللَّه بن جحش وأصحابه على ما تقدم، قاتلوا في رجب، وقتل واقدُ الليثي ابنَ الحضرمي، فظن قوم أنهم إن سلموا من الإثم فلا أجر لهم، فنزلت الآية بالوعد، عن عروة بن الزبير.

  · المعنى: لما تقدم الوعيد للكفار عقبه بالوعد للمؤمنين؛ ليكون المكلف بين الرجاء والخوف، فقال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا» صدقو اللَّه ورسوله، (وهاجروا): قطعوا عشائرهم وفارقوا منازلهم وتركوا أموالهم، «وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّه» أي قاتلوا الكفار في نصرة الدين، وطاعة اللَّه تعالى التي هي سبيله المشروع لعباده «أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ» يأملون «رَحْمَةَ الله» سبحانه: نعمه في الدنيا والدين، وهو النصرة في الدنيا والمثوبة في الآخرة «وَاللَّهُ غَفُور» يغفر ذنوبهم «رَحِيمٌ» يثيبهم برحمته.

  · الأحكام: الآية تدل على وعد من جمع بين هذه الخصال، وإنما خص هذه دون غيرها مقابلة بحال المشركين من قتالهم وإخراجهم وكفرهم، وهذا الوعد مشروط باجتناب الكبائر، وكذلك كل وعد في كتابه.