التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين 16}

صفحة 259 - الجزء 1

  عن الأصم. وقيل: لما قيل لهم في الآخرة: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩} و {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} صار كأنه استهزأ بهم، وقيل:

  يظهر المؤمنين على نفاقهم، عن الحسن، وقيل: يطلع المؤمنون عليهم وهم في النار فيضحكون منهم، عن ابن عباس، كقوله: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ٣٤} وحقيقة الاستهزاء لا يطلق على صفاته تعالى كالسخرية واللعب «وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ» أي يملي لهم، ويطول عمرهم، وإن كانوا متتابعين في الطغيان، وقيل: يمدهم في العمر لكي يرجعوا عن الطغيان، وهم يتحيرون في الطغيان، يعني في طغيانهم، وهو كفرهم وضلالهم «يَعْمَهُونَ» يتحيرون؛ لأنهم أعرضوا عن الحق فتحيروا وضلوا.

  ومتى قيل: إذا كان معنى «اللَّه يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» يجازيهم فكيف يتصل بقوله: «وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ»؟

  قلنا: لما كانوا في الإملاء معتزين بالسلامة، لا يشعرون بما يؤول إليه خالهم كأنه استهزأ بهم، وقيل: كأنه قال: يعاقبهم إلا أنه من غير معاجلة.

  · الأحكام: الآية تدل على أنه يجازي كل أحد بفعله.

  وتدل على عظم حال المتحير في الدين تحذيرًا من مثل حالهم، وتحث على التباعد عما يؤدي إليه.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ١٦}

  · القراءة: قراءة العامة: «اشْتَرُوا» بضم الواو، و «تِجَارَتُهُمْ» على الواحد، وفتح الراء، وعن