التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين 223}

صفحة 897 - الجزء 1

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى أحوال النساء في الطهر والحيض، وبين المباح والمحظور بين الموضع فقال تعالى: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ» قيل: مُحْتَرَث لكم، عن ابن عباس والسدي. وقيل: مَزْرَع، وقيل: ذو حرث لكم، فحذف كاف التشبيه، قال الشاعر:

  النّشْرُ مِسْكٌ والوُجُوُه دَنَا ... نِيرٌ وأَطْرَافُ الأكفِّ عَنَمْ

  «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» أي جامعوهن كيف شئتم، عن مجاهد، وقيل: من أين شئتم، عن قتادة والربيع، وقيل: متى شئتم، عن الضحاك، وهو غلط على ما يزعم المفسرون، والمراد فأتوهن كيف شئتم، بعد أن يكون في موضع الحرث، وهو الفرج، وقيل: إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا، عن سعيد بن المسيب، وهذا من لطيف كنايات القرآن، حيث عبر بالحرث عن الفرج، فشبه الفرج بالحرث، والنطفة بالبذر، والولد بالزرع «وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ» قيل: الطاعة فيما أمرتم به «وَاتَّقُوا اللَّهَ» في مجاوزة ما حل لكم، عن السدي والأصم وأبي مسلم، وقيل: هو طلب الولد، وقيل: التزوج بالعفائف «وَاتَّقُوا اللَّهَ» أي اتقوا عقابه بالتمسك بما حد لكم «وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوهُ» يعني اتقوه عالمين أنكم صائرون إلى حكمه وسلطانه فيجازيكم، وقيل: ملاقوه يعني ملاقو جزائه المعد على أعمالكم التي قدمتم، فهو يرجع إلى قوله: «وَقَدِّمُوا»؛ لأنه يدل على ما تقدم «وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» خطاب للرسول قبلها، يعني أعلمهم بما لهم عند اللَّه من الثواب الجزيل جزاء على أعمالهم.

  · الأحكام: الآية تدل على أن للزوج أن يأتي المرأة في قُبُلِهَا كيف شاء على ما نُقِلَ في الخبر بعد أن يكون الوطء في موضع الحرث.