التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم 240}

صفحة 965 - الجزء 2

  وتقدير الآية: فإذا خرجن من العدة لتمام السنة فلا حرج إن تزوجن، وقيل:

  من معروف يعني طلب النكاح والتزين «وَاللَّهُ عَزِيزٌ» قادر لا يغلبه شيء، ومع ذلك «حَكِيمٌ» لا يفعل إلا الحسن الذي تقتضيه الحكمة.

  · الأحكام: الآية تدل على وجوب الوصية بالمتاع حولا، وذكر الحول تقديرًا للمتاع الواجب بالوصية من النفقة والسكنى، ثم اختلفوا في هذا المتاع على ما بينا أن منهم من قال: هو النفقة، ومنهم من قال: المتعة.

  ويدل قوله: «غَيرَ إِخْرَاجٍ» على وجوب السكنى حولاً فصارت الآية دالة على وجوب وصية، ووجوب نفقة وسكنى، وعلى الاعتداد حولاً، واتفق العلماء أن هذه الآية منسوخة، ثم اختلفوا، فقيل: بآية الميراث وآية عدة الوفاة، عن ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد، وقيل: العدة بالآية والوصية بالنفقة بالسُّنةِ، وهو قوله #: «لا وصية لوارث»، وأنكر أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني نسخ الآية وشدد فيه، واستبعد خلاف من خالفه، وزعم أن معنى الآية: أن من يتوفى منكم ويذرون أزواجًا وقد أوصوا وصية لأزواجهم بمتاع يعطيها على ألا يخرجن إلى الحول، فإن خرجن قبل ذلك، وخالفن الوصية بعد أن يقمن المدة التي ضربها اللَّه تعالى لهن، فلا حرج عليهن فيما فعلن في أنفسهن من معروف أو نكاح صحيح؛ لأن إقامتهن بهذه الوصية حولاً غيرُ لازم، فكأنه بين تعالى أن تلك العدة غير لازمة بالوصية، وأن اللازم أربعة أشهر وعشر، وأطال القول فيه.