التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين 241 كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون 242}

صفحة 968 - الجزء 2

  القول الثاني: أن المراد به النفقة لا المتعة، وهو قول أبي علي وجماعة؛ لأنه عام في كل المطلقات، فإذا حمل على النفقة أمكن أن يوفى العموم حقه، والنفقة تسمى متاعًا قال تعالى: «مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ»، ولأنه لا يؤدي إلى التكرار. «بالْمَعْرُوفِ» يعني على قدر اليسار والإعسار من دون إسراف ولا تقتير «حَقَّا» أي أمَرًا واجبًا «عَلَى الْمتقِينَ» من اتقى مخالفة أمر اللَّه تعالى وعذابه وخصهم بالذكر، قيل: تشريفًا كأن غيرهم لا يعتد بهم، وإن أوجب ذلك عليهم، وقيل: إذا وجب ذلك على المتقين فَغَيْرُهُمْ أولى «كَذَلِكَ يُبينُ اللَّه» يعني كما بَيَّنَ الأحكام والآيات التي مضت مما تحتاجون إلى معرفتها في أمر دينكم بَيَّنَ هذه الأحكام، وقيل: «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّه» يعني كما بين لمن قبلكم، عن الأصم «آيَاتِهِ» يعني دلائله وأحكامه «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» لتعلموا الآيات والبيان، وقيل: ذكرهم بصفة العقلاء مدحًا لهم.

  · الأحكام: الآية تدل على وجوب النفقة للمطلقات.

  وتدل على أن المبتوتة لها النفقة والسكنى، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، واختيار أبي علي، خلاف ما يقوله الشافعي؛ ولهذا قال عمر: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لعلها وهمت، يعني فاطمة بنت قيس لما روت أن النبي ÷ لم يجعل لها نفقة ولا سكنى.

  ويدل قوله: «بِالْمَعْرُوفِ» على أنه ليس فيه إسراف ولا تقتير؛ لأن ذلك لا يكون من المعروف.

  وتدل أنه يبين الآيات والغرض أن يعلم المكلف؛ لأن قوله: «لَعَلَّكُم تعقِلُونَ» لكي تعلموا، وقد روى سعيد بن المسيب أن الآية منسوخة بقوله «فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ»، وعلى ما حملنا لا نسخ في الآية.