التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون 243}

صفحة 971 - الجزء 2

  لأنه تكفل بسبعين نبيًا أنجاهم من القتل فدعا اللَّه فأحياهم، وقيل: مر بهم وهم موتى فجعل يفكر فيهم متعجبًا، فأوحى اللَّه إليه إن أردت أن أريك آية كيف أحيي الموتى، قال: نعم، فأحياهم، عن السدي وجماعة، واختلفوا في سبب دعائه. فقيل: مر بهم فقال: إن شئت أحييتهم فعمروا بلادك وعبادك فأحياهم، وقيل: هم قوم حزقيل خرج في طلبهم فوجدهم موتى، وبكى ودعا اللَّه فأحياهم «إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ» يعني عظيم النعمة بما ينزل لهم من الحجج والآيات التي تدلهم على الحق فيستحقون باتباعها الفوز بنعيم الأبد «وَلَكِنَّ أَكثرَ النَّاسِ لاَ يَشكُرُونَ» نعمه ولا يطيعون أمره.

  · الأحكام: الآية تدل على فرار منهي عنه، وبَيَّنَّا من ماذا فروا، وهو منهي عنه في شريعتنا كما قال النبي، ÷: «إذا وقع الطاعون في أرض ولستم بها فلا تدخلوها، وإذا كنتم فيها فلا تخرجوا منها» فكأنه منعهم من الفرار ففروا، فأماتهم عقوبة أو زجرًا أو تنبيهًا.

  وتدل على الترغيب في الجهاد؛ ولذلك عقبه بقوله: «وَقَاتِلُوا» ونبه أن الموت إذا قدر لا يقع التخليص منه.

  واستدل أبو الهذيل بالآية على أنه تعالى خلق الأشياء بخلق هو قول، وقد بَيَّنَّا أنه توسع على طريقة العرب، وبَيَّنَّا نظائره، واستدل أصحاب المعارف بأن الاضطرار إلى المعرفة لا يمنع التكليف؛ لأنه عند المعاينة يضطر إلى المعرفة.