التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين 250}

صفحة 989 - الجزء 2

  · اللغة: البروز: أصله الظهور، وبرزوا معناه صاروا بالبَرَاز من الأرض، وهو ما ظهر.

  والإفراغ: صب السيال على جهة إخلاء المكان منه؛ لأن أصله الخلو، ومنه: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} أي خاليًا.

  والثبات: أصله اللزوم، ومنه: القول الثابت الذي يؤيدهم به ليلزموا طريق الحق، وإنه السهم في القرطاس الرمية فيه.

  والصبر: حبس النفس عما تنازع إليه.

  والنصرة: المعونة نصره ينصره نصرًا.

  · المعنى: ثم أخبر عن خبر المؤمنين بما قالوا عند لقاء العدو، فقال تعالى: «وَلَمَّا بَرَزُوا» [لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ] يعني «طالُوتَ» والمؤمنين معه خرجوا إلى محاربة جالوت وجنوده «قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَينَا صَبْرًا» قيل: وفقنا للصبر على الجهاد «وَثَبِّتْ أَقْدَامنا» أي وفقنا للثبوت حتى لا نفر «وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ» أي على جهادهم، ونصره تعالى يكون بوجهين: بالألطاف تقوِّي قلوب المؤمنين، ويوهن قلوب الكافرين، ورعب يدخل عليهم، واختلاف كلمة يؤدي إلى فشل. الثاني: بإمداد الملائكة كما فعله يوم بدر، والقوم الكافرون: قوم جالوت.

  · الأحكام: الآية تدل على حسن سؤال المعونة من اللَّه تعالى، والتوفيق على المصابرة والانقطاع إليه تعالى، وهذا هو الواجب على العبد إذا حزّ به أمر.

  وتدل على أن الواجب علينا أن نقتدي بهم في ذلك، فنتكل على اللَّه في جميع أمورنا، فهذا فائدة اقتصاص أخبار مَنْ تقدم.