قوله تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم 273}
  اللَّه ÷ في طاعة اللَّه تعالى: «لاَ يَستطيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ» يعني لا يمكنهم التصرف في الأرض للتجارة وطلب المعيشة من خوف الكفار، وقيل: لا يتفرغون لذلك من العز والعبادة، عن قتادة، وقيل: من كثرة ما جاهدوا صارت الأرض حوبًا عليهم، فلا جهة إلا ولهم فيها عدو، فلا يستطيعون لذلك ضربًا في الأرض، عن ابن زيد، وقيل: هَؤُلَاءِ قوم أصابتهم جراحات وأحصرهم المرض والزمانة، عن سعيد بن جبير والكسائي قال: لأن أحصروا من المرض وحصروا من الحبس «يَحْسَبُهُمُ» يظنهم «الْجَاهِلُ» بحالهم وأمرهم «أَغنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ» من ترك السؤال والقناعة، قال محمد بن المفضل: تمنعهم علو همتهم عن رفع حوائجهم إلا إلى مولاهم، وقيل: لظهور بره يدل على الغنى «تَعْرفُهُمْ» قيل: تعرفهم فقراء «بِسِيمَاهُمْ» وقيل: تعرفهم من أهل التعفف بسيماهم، عن القاضي، وهو الأشبه بالظاهر، بسيماهم: بعلامتهم، قيل: هو التخشع، عن مجاهد، وقيل: علامة الفقر عن السدي والربيع، وقيل: صفرة ألوانهم من الضر، عن الضحاك «لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا» قيل: لا يسألون، عن الزجاج والفراء وأبي علي وأبي القاسم، ويدل عليه قوله: «من التعفف»، وقوله: «تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ» ولو أفصحوا بالسؤال لم يكن للكلام معنى، وهذا كما يقال: قَلَّ ما رأيت، يعني ما رأيت، وقيل: إذا كان عندهم غداء لا يسألون عشاء، وإذا كان عشاء لا يسألون غداء، عن عطاء، والأول أصح، وعن النبي ÷: «من سأل وعنده أربعون درهما فقد ألحف» «وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيرٍ» من مال «فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» يعني بإنفاقكم يجازيكم به.
  · الأحكام: الآية تدل على أن الصدقة مصروفة إلى هَؤُلَاءِ، ولا شبهة أنهم قوم مخصوصون كانوا بالمدينة على ما روينا.