التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون 274}

صفحة 1054 - الجزء 2

  ونصب «لا ريب» لأنه جواب «هل من ريب فيه»، وقيل: لا ريب فيه، على عموم النفي، فهو في أحدهما على عموم النفي، وفي الآخر على اشتمال النفي شيئين قد توهم على إثبات أحدهما «فلهم أجرهم» قال الأخفش وقطرب: جعل الخبر بالفاء إذ كان الاسم الذي وصل به فعلا؛ لأنه في معنى «مَنْ»، وجواب «مَنْ» بالفاء في الجزاء، وتقديره: من أنفق كذا فله أجره.

  · النزول: قيل: نزلت في علي بن أبي طالب (كرّم اللَّه وجهه) كانت معه أربعة دراهم، فأنفقها على هذه الصفة بالليل والنهار سرًّا وعلانية، عن ابن عباس.

  وقيل: لما نزلت «لِلفُقَرَاءِ» الآية بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير لأصحاب الصفة، وبعث علي (كرّم اللَّه وجهه) بوسق من تمر ليلاً فكان أحب الصدقتين إلى اللَّه صدقة علي (كرّم اللَّه وجهه)، فنزلت الآية فيهما، صدقة النهار صدقة عبد الرحمن، وصدقة الليل صدقة أمير المؤمنين علي #، عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في النفقة على الخيل المرتبطة في سبيل اللَّه، عن أبي ذر وأبي أمامة وأبي الدرداء ومكحول والأوزاعي.

  وقيل: هو في كل من أنفق ماله في طاعة اللَّه تعالى على هذه الصفة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى كيفية الإنفاق وما يستحق عليه فقال تعالى: «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ» يخرجونها في أعمال البر «بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً» خفية وإظهارًا، قيل: المراد به كانوا يديمون النفقة في جميع أحوالهم.