التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم 283}

صفحة 1082 - الجزء 2

  · القراءة الظاهرة «ولا تكتموا» بالتاء وعن السلمي بالياء.

  · اللغة: الرهن: مصدر رهنت الشيء أرهنه رهنًا، وأرهنت أيضًا، والأول أفصح، والرهن: حبس الشيء عليه، وكل شيء يحتبس به غيره فهو رهينة ومرتهنة، ومنه:

  الإنسان رهين عمله.

  والقبض - بالضاد معجمة -: قبض الشيء ملء الكف، وبالصاد - غير معجمة -:

  القبض بأطراف الأصابع.

  وأتمن افتعل من الأمانة.

  والكتمان: ضد الإظهار.

  · الإعراب: رفع «رهن» لأنه خبر ابتداء محذوف، وتقديره: فالوثيقة رهن، ويجوز فعليه رهن، ويجوز فرهنا بالنصب في العربية، على تقدير: فارتهنوا رهنًا.

  · المعنى: لما تقدم حكم الوثيقة بالإشهاد أتبعه ذكر الوثيقة بالرهن عند عدم الإشهاد، فقال تعالى: «وإنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا» من يكتب الكتاب والشهود «فَرِهَانٌ» أي فالوثيقة رهن، وهو أن يأخذ ممن داينه رهنًا وثيقة بماله «مَقْبُوضَةٌ» فإن الرهن لا يصح إلا مقبوضًا بالإجماع والنص؛ لأن الوثيقة لا تتم إلا بالقبض، «فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكمْ بعضا» يعني الذي له الحق يأتمن من عليه فلا يكتب ولا يشهد ولا يرتهن «فَلْيُؤَدِّ» خطاب للمديون يعني فليؤد المؤتَمن أمانته يعني حقه، وقيل: خطاب للمرتهن بأن يؤدي الرهن عند استيفاء المال، فإنه أمانة في يده، والأول الوجه «وَلْيَتَّقِ اللَّه رَبَّهُ» يعني مخالفة أمره «وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادةَ» عاد الخطاب إلى الشهود قيل: لأنه قد يكون شاهدًا على الرهن، وقيل: لأنه قد يحضر العقد وإن لم يستشهد، فكلف أن يقيم البينة