التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد 20}

صفحة 1123 - الجزء 2

  · النزول: قيل: إن اليهود والنصارى قالوا للنبي ÷: لسنا على ما سميتنا، وإنما نحن على دين الإسلام، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وقيل: حاجوا في عيسى فنزلت الآية.

  · الإعراب: (من) في محل الرفع عطفًا على التاء في قوله: «أَسْلَمْتُ» أنا ومن اتبعني أسلم أيضا، ويُقال: لم قال: «أَسْلَمْتُ» «وَمَنِ اتَّبَعَنِي» ولم يقل: أنا ومن اتبعني؟

  [قلنا]: لطول الكلام، صار عوضًا عن الضمير المنفصل، ولو قال: أسلمت وزيد لم يحسن حتى يقول: أسلمت أنا وزيد، ولو قال: أسلمت اليوم بانشراح صدري ومن جاء معي حسن.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنهم إن حاجوك بعد ظهور الآيات بأن الدين الإسلام فليس عليك إلا البلاغ فقال تعالى: «فَإِنْ حَاجُّوكَ» قيل: خاصموك ودعوك إلى الحجة، واختلفوا في الكناية فقيل: عن اليهود والنصارى، وقيل: وفد نجران، وقيل: سائر الكفار، واختلفوا في ماذا يحاجون؟ فقيل: في الدين، وقيل: في عيسى «فَقُلْ» يا محمد «أَسْلَمْتُ» قيل: انقدت، وقيل: أخلصت قصدي وعملي، عن الفراء وأبي مسلم «وَجْهِي» قيل: نفسي، وقيل: وجهي عملي، أي أخلصت عملي «لِلَّهِ» تعالى «وَمَنِ اتَّبَعَنِي» يعني ومن اقتدى بي في الدين من المسلمين فقد أسلموا كما أسلمت، «وَقُلْ» يا محمد «لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» اليهود والنصارى «وَالأُمِّيِّينَ» قيل: الَّذِينَ لا كتاب لهم، عن ابن عباس وجماعة من أهل العلم، وقيل: هم مشركو العرب «أَأَسْلَمْتُمْ» استفهام والمراد به الأمر، واستدعاء الفعل «فَإِنْ أَسْلَمُوا» انقادوا وأطاعوا «فَقَدِ اهْتَدَوا» أخذوا طريق الهدى وأصابوا الحق، وقيل: اهتدوا إلى ثواب اللَّه وجنته «وَإنْ تَوَلَّوْا» أعرضوا