قوله تعالى: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين 24}
  وبين الشرط والجزاء، وبين اسم (إن) وخبرها، فالأول كقولك: زيد - فافهم ما أقول لك - رجل صدق، والثاني «وَلَنْ تَفْعَلُوا» والثالث: كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ٣٠ أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} فقوله: (إنّا لا نُضِيعُ) اعتراض، والخبر: أولئك، فأما موضعه من الإعراب، فقيل: لا موضع لها من الإعراب؛ إذ لم يعمل فيها عامل؛ إذ العوامل في الأصل للأسماء المفردة، دون الجمل.
  ويقال: لم جزم لام الفعل؟
  قلنا: لأنها نقلته إلى الماضي، فأخرجته من الإعراب الذي يكون للاسم، لما باعدته عنه، فأما (أن) فتنصب الفعل؛ لأنها أشبهت (أنْ) المشددة في عوامل الاسم من حيث كانت مع ما بعدها بمنزلة المصدر، فأما (لن) وأخواتها، فمشبهة بـ (أنْ)، لأنها تنقل الفعل إلى الاستقبال على الحد الذي يكون عليه الاسم، وليس كـ (إن) التي للجزاء؛ لأن الجزاء لا يكون إلا بالفعل، فجزم لما دخله معنى لا يكون من الاسم، كما جزم حرف النهي لما كان لا يصح إلا بالفعل.
  · المعنى: ولما تحداهم بالقرآن، ولم يأتوا بمثله، أخبر عن عجزهم، وحذرهم الكفر به، فقال تعالى: «فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا» أي لم تأتوا بمثل القرآن في الماضي، ولن تفعلوا في المستقبل؛ لأن (لم) تنفي الفعل في الماضي، و (لن) في المستقبل، وقيل: فيه تقديم وتأخير، وتقديره: فأتوا بسورة من مثله، «وَلَنْ تَفْعَلُوا»، فإن لم تقدروا أن تفعلوا «فَاتَّقُوا النَّارَ»، أي اتقوا الكفر، الذي هو سبب دخول النار.
  ومتى قيل: لم قال: «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا»، ولم يقل: فإن لم تقدروا وعجزتم؟
  قلنا: أراد جميع ما يتعلق بالقرآن من الإيمان به، والعمل بما فيه، فالكل محجوج به، المؤمن بالعمل به، والكافر بالإتيان به؛ لأن التخويف عام.