التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون 69}

صفحة 1200 - الجزء 2

  للماضي والمستقبل، فأما الإرادة فلا تتعلق إلا بالمستقبل، وقد تستعمل المحبة بمعنى الشهوة.

  · الإعراب: (من) ههنا للتبعيض، وإنما ذكر بعضهم ولم يعمهم؛ لأن منهم من آمن، وأثنى اللَّه عليه بقوله: {أُمَّةٌ مُّقْتَصدَةٌ}، و {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ}

  · النزول: قيل: نزلت الآية في معاذ وعمار وحذيفة، دعاهم اليهود إلى دينهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنهم كما ضلوا أضلوا، ودعوا إلى الضلال، فقال سبحانه: «وَدَّتْ» قيل: أرادت، وقيل: تمنت، والأول هو الوجه لأنه حقيقة، والثاني توسع ومجاز «طَائِفَةٌ» جماعة «مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب»، قيل: من اليهود، وقيل: من اليهود والنصارى «لَوْ يُضِلُّونَكُمْ» يصدونكم عن الإسلام يردونكم إلى ما هم عليه من الكفر فيهلكونكم، وقيل: يشككونكم في دين محمد فتهلكون، وقيل: يهلكونكم «وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ» وما يهلكون إلا أنفسهم كأنه لا يعتد بهلاك غيره في عظم هلاكه «وَمَا يَشْعُرُونَ» قيل: ما يعلمون مقدار ما يأتون من الضلال بذلك، وقيل: لا يعلمون أن اللَّه يطلعكم على سرائرهم في ذلك، وقيل: لا يعلمون أن وبال ذلك يعود عليهم، وقيل: لا يعلمون أنهم ضلال لجهلهم، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية بأن الداعي إلى الضلال يوصف بأنه مضل، ويستحق الذم بذلك، ثم اختلفوا فقيل: إنه مجاز؛ لأنه لو كان يضل حقيقة لكان فعله ضلالاً، عن أبي علي