التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون 70 ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون 71}

صفحة 1202 - الجزء 2

  · الإعراب: يقال: ما أصل (لم)؟

  قلنا: أصله لما؛ لأنها مع الاستفهام دخلت عليه اللام، وإنما حذفت لاتصالها بحذف الإضافة مع وقوعها طرفًا وتدل عليها الفتحة، وكذلك قياسها مع سائر وجوه الإضافة كقوله: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ٥٤} و {عَمَّ يَتَسَائَلُونَ} وقيل: حذف للفرق بين الخبر والاستفهام، ورفع (يكتمونه) لأنه معطوف تقديره: لم تلبسون، ولم تكتمون.

  ويقال: هل يجوز في العربية وتكتموا؟

  قلنا: نعم على الظرف، لو قلت: لِمَ يقوم ويفعل جاز؛ أي لم تجمع بين الفعلين وأنت مستغن بأحدهما، والرفع الوجه؛ لأنه تقريع على كل واحد منهما.

  · النزول: قال القاضي: نزلت في قوم من أهل الكتاب كانوا يعلمون ما في التوراة والإنجيل والبشارة بمحمد، ÷ وبنبوته، وكانوا يُلَبِّسُونَ على العوام.

  · المعنى: عاد الخطاب إلى تقريع الفريقين في كتمان الحق فقال سبحانه: «يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ» تجحدون «بِآيَاتِ اللَّه» قيل: الآيات هو ما في كتبهم من الإشارة بمحمد ÷، وقوله: {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} وقيل: الآيات ما في كتبهم أن إبراهيم كان حتيفًا مسلمًا، وقيل: ما في كتبهم أن الدين هو الإسلام، وقيل: الآيات ما يتلو عليهم من غرائب أخبارهم وغوامض أسرارهم التي يعلمون أنها في كتبهم، ولم يكن يعلم محمد ÷ ولا قومه شيئًا من ذلك، فلما أخبرهم بها علم أنه عرف ذلك عن وحي وأنه نبي، عن أبي مسلم، وقيل: بحججه وبيناته كذبتم مع العلم، عن الأصم، ويحتمل أن يريد بالآيات القرآن يعلمون أنه حق منزل، ثم يجحدونه «وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ» نعت محمد في كتابكم، عن قتادة والربيع