قوله تعالى: {ياأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون 70 ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون 71}
  والسدي، وقيل: الشاهدون في كتبكم أن دين الإسلام حق، وقيل: تشهدون الحجج الدالة على نبوة محمد ÷، وقيل: تشهدون التوراة فتعلمون ما يستحق بالكفر من العذاب، وقيل: وأنتم تشهدون بمثلها للأنبياء الَّذِينَ تقرون بهم «يَا أَهْلَ الْكِتَاب لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ» أي تخلطون، قيل: أراد تحريف التوراة تخلطون المنزل بالمحرف، عن الحسن وابن زيد، وقيل: بإظهار الإسلام وإبطان خلافه من اليهودية والنصرانية؛ لأنهم تداعوا إلى إظهار الإسلام أول النهار والرجوع عند آخره تسكينًا للناس، عن ابن عباس وقتادة، وقيل: الإيمان بموسى وعيسى والكفر بمحمد ÷ وتخلطون النفاق بالإيمان، وقيل: يخلطون ما يعلمون بقلوبهم من كتبهم أن محمدًا حق بما يظهرونه من تكذيبه، عن أبي علي وأبي مسلم «وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ» قيل: نبوة محمد، وقيل: إن الحق هو الإسلام «وَأَنْتُمْ تَعلَمُونَ» قيل: وأنتم تعلمون الحق، وفيه محذوف دل الكلام عليه، وقيل: تعلمون ما على الكاتم من العقوبة والإثم، وقيل: وأنتم تعلمون الأمور التي يصح بها التكليف، والوجه الأول؛ لأن التقريع دل على أنهم كتموا الحق، وهم يعلمون أنه الحق.
  · الأحكام: يدل أول الآية أنهم كانوا معاندين، وهذا إنما يصح في علمائهم لاستحالة مواطأة كثير من الناس على كتمان ما يعلمون.
  ويدل قوله: «وتلبسون» أن المعارف مكتسبة، فلذلك صح التلبيس.
  وتدل على أن تلبيس الحق بالباطل لَبسٌ قبيح، واللبس إنما يكون بإيراد الشبه.
  وتدل على أن اللبس لا يرتفع إلا بالدليل دون التقليد.
  وتدل على وجوب التمييز؛ لأن اللبس إنما منع منه.
  وتدل على وجوب التمييز وذلك يوجب على العلماء أن يميزوا بين الحق والباطل، ويرفعوا اللبس ويجلوا الشبه، ويبينوا الدليل.
  وتدل على أن كتمان الحق قبيح لذلك ذمهم عليه، ويدخل فيه أصول الدين وفروعه والفتيا والشهادات ونحوها.