قوله تعالى: {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون 72 ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم 73 يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم 74}
  وقيل: المراد به اللطف والتوفيق أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أو يعطى أحد مثل ما أعطيتم أو يحاجوكم يخاصموكم عند ربكم، قيل: عند إعطائه إياكم ما أعطاكم، وقيل: عند اللَّه يوم القيامة، «قُلْ» يا محمد «إِنَّ الْفَضلَ بِيَدِ اللَّهِ»، قيل: النبوة، عن أبي علي، وقيل: الحجج التي أوتي محمد ومن تبعه، عن الأصم، وقيل: نعم الدين والدنيا، وهو الوجه «بِيَدِ اللَّه» يعني في ملكه وهو القادر عليه العالم محله، وليس المراد باليد الجارحة؛ لأن الجارحة جسم، يتعالى اللَّه عن ذلك، ولأن النبوة لا تكون باليد «يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» ممن يعلم فيه الصلاح «وَاللَّهُ وَاسِعٌ» الرحمة أي جواد؛ وقيل: واسع المقدور، يفعل ما يشاء «عَلِيمٌ» بما يصلح لعباده من نعمة ورحمة، عن أبي علي، وقيل: يعلم حيث يجعل رسالاته، ويعلم قبل إرسالهم نهوضهم بالتبليغ؛ عن أبي مسلم «يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ» يعني يختص برحمته قيل: النبوة، عن الحسن ومجاهد والربيع والأصم وأبي علي وأبي مسلم، وقيل: القرآن والإسلام، عن ابن جريج، والمراد اللطف والتمكين وإزاحة العلة، وقيل: أراد أن النبوة غير مقصورة على قوم دون قوم كما زعمت اليهود أنه يجب أن تكون في بني إسرائيل، ولكن يعطيها من يشاء ممن يصلح لها «وَاللَّهُ ذُو الْفَضلِ الْعَظِيمِ» ذو العطاء الجزيل والمن الكثير.
  · الأحكام: تدل الآية أن اليهود عجزوا عن إبطال أمر النبي ÷ بالحجة فانقطعوا إلى الحيلة، فأطلع اللَّه نبيه على أسرارهم، وكفى المسلمين مكرهم.
  وتدل على معجزة للنبي ÷ من حيث أخبر عن أسرارهم، فأزال المضرة بها، ففيه معجزة ومنفعة ودفع مضرة.
  وتدل على أنه تعالى يلطف للمؤمنين في الثبات على الحق؛ لأن إظهار كيدهم لطف لهم.
  وتدل على أنهم أَمَرُوا بالنفاق.
  وتدل على أن الكفر يدخل في أفعال القلب.