التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون 75 بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين 76}

صفحة 1214 - الجزء 2

  قتادة ومجاهد، وقيل: إلا ما دمت عليه قائمًا بالاجتماع معه والملازمة، عن السدي قال: ما دمت عليه قائمًا على رأسه، وقيل: مُلِحَّا، عن ابن عباس، وقيل: إلا قائم أن تدفعه وتطلبه وأنت قائم على رأسه فيؤده، فأما إن أخرته أنكر ولا يرد، عن أبي روق «ذَلِكَ» يعني ذلك الاستحلال والخيانة «بِأنَهُمْ» يعني اليهود «قَالُوا لَيسَ عَلَينَا فِي الأمُّيّينَ» فيما أصبنا من أموال العرب «سَبِيلٌ»؛ لأنهم مشركون، عن قتادة والسدي، وقيل: لأنهم تحولوا عن دينهم الذي عاملناهم عليه، وادعوا أنه في كتابهم، عن الحسن وابن جريج، وقيل: ليس لأحد علينا سبيل يعني محمدًا وأتباعه، فاستحلوا لأنهم رأوا أن الناس أتباع لهم، وأن من خالفهم يحل مالهم، وقيل: هم أصحاب محمد ÷ والمسلمون، ذكره القاضي «سَبِيلٌ» أي إثم وحرج، «وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» يعني قولهم: إن اللَّه أحل ذلك لهم، «وَهُمْ يَعْلمُونَ» أنه كذب على اللَّه فيقدمون عليه مع العلم، وقيل: يعلمون التحريم، وقيل: يعلمون ما على فاعل ذلك من الإثم، ثم رد اللَّه عليهم قولهم، فقال تعالى: «بَلَى»، وفيه نفي لما قالوا وإثبات لما بعده، كأنه قيل: لا يأمر بذلك ولا يحبه ولا يريده، بل يحب الوفاء بالعهد وأداء الأمانة ويريده ويأمر به «مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ» قيل: بعهده لله بما أمرهم به في التوراة، وقيل: بجميع عهوده، وقيل: بعهد يعهده هو على نفسه قيل: هو الإيمان بمحمد «وَاتَّقَى» يعني اتقى الخيانة والظلم، وقيل: تكذيب الرسول «فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ»، وهذه صفة المؤمنين دون صفة اليهود كأنه قيل: واللَّه يحب المؤمنين، ولا يحب اليهود.

  · الأحكام: تدل الآية على معجزة نبينا ÷ حيث أخبر بأسرارهم واعتقاداتهم، وذلك لا يمكن إلا بإطلاع من اللَّه تعالى.

  وتدل على قبح الخيانة وحسن أداء الأمانة.

  وتدل على أن في اليهود من كان يظهر العناد مع المعرفة، وإنما يجوز ذلك على طائفة يسيرة.