التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون 75 بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين 76}

صفحة 1213 - الجزء 2

  وقيل: نزلت في مؤمنيهم كعبد اللَّه بن سلام وأصحابه، وفي كفارهم نحو كعب بن الأشرف وأصحابه عن مقاتل.

  وقيل: نزلت في عبد اللَّه بن سلام أودعه رجل ألفًا ومائتي أوقية ذهبًا، فأداها إليه وفي فنحاص اليهودي أودعه قرشي دينارًا فخانه، عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في اليهود والنصارى، فالَّذِينَ يؤدون الأمانة النصارى، والَّذِينَ لا يؤدون اليهود، عن أبي علي.

  وقيل: قالت اليهود: الأموال كلها لنا فما في أيدي العرب لنا، ظلمونا وغصبونا، فلا سبيل علينا في أخذنا إياه منهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن الكلبي.

  وقيل: بايع اليهود رجالاً في الجاهلية فلما أسلموا طالبوهم بذلك فقالوا: ليس لكم علينا حق؛ لأنكم تركتم دينكم، فانقطع العهد بيننا، فكذبهم اللَّه تعالى وأنزل هذه الآية، عن الحسن وابن جريج ومقاتل.

  وقيل: قالوا: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، والخلق لنا عبيد، فلا سبيل علينا أن نأكل مال عبيدنا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، حكاه الأصم.

  · المعنى: ثم أخبر اللَّه تعالى عن جرأة اليهود على المحارم وأكلهم السحت نسقًا على ما تقدم من سوء أفعالهم فقال سبحانه وتعالى: «وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَاب» قيل: من اليهود عن أكثر المفسرين، وقيل: من اليهود والنصارى، عن أبي علي وجماعة «مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ» أمنته «بِقِنطَارٍ» أي على قنطار، و «على والباء» بمعنى، كقولك: مررت بزيد، ومررت على زيد، القنطار: المال الكثير، وقد بينا ما قيل فيه «يُؤَدِّهِ إِلَيكَ» يرده عند المطالبة يعني الأمانة، وقيل: هم بعض اليهود، وقيل: من أسلم منهم، وقيل: النصارى على ما تقدم في سبب نزول الآية «وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ» أمنته «بِدِينَارٍ» أي على دينار، المراد إن أمنته على قليل من المال «لاَ يُؤَدِّهِ إِلَيكَ» لا يرده عند المطالبة وهم كفار اليهود بالإجماع «إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيهِ قَائِمًا» قيل: إلا أن تدوم قائمًا بالتقاضي والمطالبة، عن