التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون 25}

صفحة 293 - الجزء 1

  الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْل» اختلفوا فيه، فقيل: رزقنا من قبل في الجنة، يعني يؤتى بصحفة فيأكل، فيؤتى بأخرى، فيقول: هذا الذي أوتينا به من قبل، فيقول الملك: كلوا فاللون واحد والطعم مختلف، وهم يعلمون أنه غيره، ولكن شبهوه به في لونه وريحه وطيبه، وقيل: «هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ» في الجنة، أي كالذي رزقنا، علموا أنه غيره، ولكن شبهوه به في لونه وطعمه ورائحته وطيبه وجودته، عن الحسن وواصل. وقيل: هو الذي رزقنا من قبل في دار الدنيا، عن ابن عباس وابن مسعود. وقيل: هذا الذي وعدنا به في الدنيا. وقيل: إنهم أرادوا الاستمرار على الشكر، فقالوا: (نعم اللَّه كانت علينا متواترة متتابعة في الدارين). وقيل: لما كان ما يستحقونه من الثواب في الوقت الثاني مثل ما يستحقونه في الوقت الأول وأعطاهم اللَّه تعالى ذلك شبهوه به، عن أبي علي.

  وقيل: أتوا به مثل ما ألفوا من قبل؛ لأن النفس تميل إلى المألوف «وَأُتُوا بِه مُتَشَابِهًا» قيل: كلها متشابهة في الجودة خيار لا رُذَالَ فيه، عن الحسن وقتادة. وقيل: مشتبهًا في اللون، مختلفًا في الطعم، عن ابن عباس ومجاهد والربيع والسدي.

  وقيل: يشبه ثمر الدنيا، غير أن ثمر الجنة أطيب، عن عكرمة. وقيل: «مُتَشابِهًا» يشبه بعضه بعضا في اللذة وجميع الصفات، عن أبي مسلم. وقيل: متشابهًا في الاسم، مختلفًا في الطعم. وقيل: متشابهًا من حيث الموافقة، فالخادم يوافق المسكن، والمسكن يوافق الفرش، وكذلك جميع ما يليق به. «وَلَهُمْ» لأهل الجنة «فِيهَا أَزْوَاجٌ» يعني نساء، قيل: الحور العين، وقيل: نساء الدنيا، عن الحسن، قيل: هي عجائزكم الرُّمْضُ العُمْشُ طهرن من أقذار الدنيا، «مُطهرة» قيل: طهرت في الأبدان والأخلاق والأفعال، فلا يلدن، ولا يحضن، وقيل: «مطهرة» طهرن من الأقذار والآثام. «وَهُمْ فِيهَا» في الجنة «خَالِدُونَ» يعني دائمون باقون في الجنة، وإن الجنة باقية أبدًا.