التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين 81 فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 82}

صفحة 1226 - الجزء 2

  · القراءة: قرأ حمزة «لِمَا» بكسر اللام والباقون بفتحها، فالمكسورة لام الإضافة، والمفتوحة لام الابتداء، قال الأخفش: لام الابتداء دخلت على (ما) الخبر، كقولك: لزيد أفضل من عمرو، و (ما) اسم والذي بعده صلة له، وجوابه في قوله: «لتؤمنن به» وإن شئت جعلت خبر (ما) في «كتاب» فتكون (من) زائدة، تقديره لما آتيناكم من كتاب وحكمة، ثم ابتدأ فقال: «ثم جاءكم» يعني يجيئكم، وإن شئت قدرت ثم أن جاءكم، وقال الفراء: من فتح اللام جعلها لامًا زائدة، والمعنى أي كتاب آتيتكم ثم جاءكم رسول لتؤمنن به، والجواب في قوله: «لتؤمنن» وقال الزجاج: هي لام التحقيق دخلت على ما الجزاء، واللام في (لتؤمنن) جواب الجزاء كقوله: {وَلَئنْ شِئنَا لنًذهَبَنَّ} وقال الكسائي: «لتؤمنن» متصل بما قبله، وجواب الجزاء في قوله: «فمن تولى بعد ذلك».

  فأما المكسورة فهي لام الإضافة على معنى الذي، تقديره: «الذي» آتيناكم يعني أخذ ميثاق النبيين لأجل الذي آتيناكم من الكتاب، وقال صاحب النظم: من كسر اللام فهي بمعنى (بعد)، يعني بعدما آتيناكم من كتاب، وعن سعيد بن جبير أنه قرأ «لمَّا آتيتكم» بتشديد الميم، ومعناه حين آتيناكم، وقرأ أبو جعفر ونافع «آتيناكم» بالنون على التفخيم كما يقول الملك: فعلنا، وقرأ الباقون بالتاء على التوحيد.

  · اللغة: الميثاق من المواثقة والمعاهدة، فهو من «وثَّقْتُ» أي أحكمت، ويقال: وثقت أي أحكمت، ويقال: وثقت الشيء أحكمته. وسميت اليمين ميثاقًا؛ لأنه إحكام في الأمر، والميثاق هو الاستخلاف لإحكام الأمر، ومنه: {تُؤتُونِ مَوثِقًا}.

  والإصر: العهد، وجمعه آصار، وأصله العقد، والآصرة: القرابة، وكذلك كل عقدة وقرابة وعهد فهو آصر، تقول العرب: ما تَأْصِرني على فلان آصرةً، أي ما تعطفني عليه قرابة، والأصل النقل.