التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين 81 فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 82}

صفحة 1229 - الجزء 2

  ميثاق الرسل المأخوذ على الأمم بما في كتبهم من الإقرار بمحمد ÷ وغيره من الأوامر «ثُمَّ جَاءَكُم رَسُولٌ» قيل: نبي، وقيل: محمد «مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ» أي يصدق الكتب التي معكم، بأن يكون على الصفة التي تجدونها فيه، وقيل: يصدقه بأنه حق «لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ» لتصدقنه «وَلَتَنْصُرُنَّهُ» قيل: بالتصديق والنصرة على الأعداء «قَالَ» اللَّه تعالى: «أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي» قيل: قبلتم على ذلك عهدي، نظيره: {إِن أُوتيتُم هَذَا فخُذُوه} وقيل: أخذتم عهد الأمم، يعني قَبِلْتُم أنتم وأخذتم العهد على الأمم «قَالُوا» - يعني الأنبياء - قالوا: «أَقْرَرْنَا» بما أمرتنا بذلك، وقيل: الأمم قالت: أقررنا، «قَالَ» اللَّه تعالى: «فَاشْهَدُوا» قيل: فاعلموا ذلك، عن ابن عباس «وَأنا مَعَكُمْ» أعلم ذلك، وقيل: فاشهدوا على أممكم بذلك «وَأنا مَعَكُمْ مِنَ الشاهدينَ» عليكم وعليهم، عن علي #، وقيل: ليشهد بعضكم على بعض، وقيل: قال اللَّه تعالى للملائكة: اشهدوا عليهم، ويكون كناية عن غير مذكور، عن سعيد بن المسيب، وقيل: فاشهدوا بذلك على عبادي لتعلموا «فَمَنْ تَوَلَّى» أعرض بعد هذا العهد، وقيل: بعد الإقرار والإشهاد «فَأُوْلئكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» الخارجون عن طاعة اللَّه وولايته إلى معصيته وعداوته.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الواجب على الرسول الإبلاغ والإتيان.

  وتدل على أن من الواجب عليهم تصديق بعضهم لبعض.

  وتدل على أنه تعالى أخذ العهد على الجميع بتصديق نبينا ÷.

  وتدل على أن الإعراض فسق وخروج من الدين.

  وتدل على أن الفسق من أسماء الشرع؛ لأنه أجراه مجرى الذم، فدل أنه في الشرع منقول إلى ذلك.