التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين 81 فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 82}

صفحة 1228 - الجزء 2

  (أولئك)، وقيل: لا موضع له؛ لأنه فصل جاء ليؤذن أن الخبر معرفة أو ما قارب المعرفة، وهو يسمى العماد.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الأنبياء عقبه بذكر نبينا ÷ وما أخذ اللَّه تعالى من عهده على الأنبياء فقال تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاقَ النَّبيينَ» أي عهدهم المؤكد عليهم «لَمَا آتَيتكُم» بفتح اللام تقديره: الذي آتيتكم، وقيل: أي كتاب آتيتكم، وقيل: مهما آتيتكم، عن الزجاج والمبرد، وبالكسر لأجل ما آتيتكم، وآتيتكم للأنبياء، عند جل المفسرين، وقال أبو مسلم: إنه خطاب لأهل الكتاب، وقد تقدم ذكرهم في قوله: «يَا أَهْلَ الْكِتَاب»، وقوله: «فَاشْهَدُوا» خطاب للنبيين اشهدوا على أمتكم «مِنْ كِتَابٍ» أي أعطيناكم كتابًا أنزل عليكم، وآتيناكم: أعطيناكم «وَحِكْمَةٍ» علم وفقه.

  ويقال: ليس كل نبي أوتي الكتاب فَلِمَ عَمَّ؟

  قلنا: لوجهين:

  أحدهما: أنه أوتي؛ لعلمه به مهتديًا بما فيه، وإن لم ينزل عليه.

  والثاني: أنه على التغليب؛ لأنه بمنزلة من أوتي الكتاب بما أوتي من الحكمة والنبوة، قال أبو علي: وفي الكلام محذوف، أخذ الميثاق على الرسل وأمرهم بأخذه على الأمم، إلا أنه حذف لدلالة الكلام عليه، واختلفوا في هذا الميثاق فقيل: إنما أخذ عليهم الميثاق ليصدق بعضهم بعضًا، ويأمر بعضهم بالإيمان بالبعض، ومعنى النصرة: [النصرة] بالتصديق والحجة، عن سعيد بن جبير والحسن وطاووس، وقيل: إنما أخذ الميثاق على الأنبياء ليأخذوه على أممهم بتصديق محمد ÷ «لَتُؤْمِنُنَّ بهِ»، وإن بعث لتنصرنه، عن علي وابن عباس وقتادة والسدي والأصم وأبي علي، وأبي مسلم، وقيل: بل أخذ ميثاق الأمم واجتزأ بذكر الأنبياء عن ذكر الأمم؛ لأنهم متبوعون، فاكتفى بذكرهم عن ذكر الأمم، عن ابن عباس، وقيل: أخذ الميثاق على أهل الكتاب الَّذِينَ أرسل إليهم النبيون، عن مجاهد والربيع، وقال أبو مسلم: يعني