قوله تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين 86 أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين 87 خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون 88 إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم 89}
  · اللغة: أصل الهدى: الدلالة والبيان، ثم يستعمل في أشياء: منها الألطاف، ومنها:
  طريق الجنة، ومنها: الثواب، ومنها: الحكم بالهداية.
  والبينات: جمع بينة، وهي الحجة.
  والتخفيف: تغير الشيء عن حال الصعوبة إلى السهولة، ونقيضه التشديد، وأصله من خفة الجسم نقيض ثقله.
  والإنظار: هو التأخير لينظر في أمره، ونظيره الإمهال، وهو تأخيره ليسهل ما يتكلفه من عمله.
  والجزاء: المكافأة.
  واللعن: الطرد والإبعاد، ومنه قيل للذئب: لعين، وللرجل الطريد: لعين، ورجل لُعْنَة بسكون العين وضم اللام يلعنه الناس، ولُعَنَة بفتح العين كثير اللعن، واللعَانُ: الملاعنة.
  · الإعراب: (كيف): استفهام، ومعناه الإنكار ههنا كقولهم: كيف تكفر شكري، وقد أنعمت عليك، وفي التنزيل: {كَيفَ تَكفُرُونَ بِاللَّهِ}.
  ويُقال: لِمَ عطف الفعل على الاسم لأن الإيمان اسم، و (شهدوا): فعل؟
  قلنا: الإيمان مصدر، والمراد به الفعل، أي بعد أن آمنوا وشهدوا. و (أجمعين): تأكيد لـ (الناس) معطوف على اسم الملائكة، وخفض (الملائكة)؛ لأنه مضاف إليه، ويجوز في العربية رفع «أجمعين» على تقدير عليهم أن يلعنهم اللَّه، فيحمل الثاني على تأويل الأول، إلا أن الإتباع أجود ليكون الكلام على منهاج واحد في الإعراب ودخلت الفاء في قوله: «فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» لأنه يشبه الجزاء إذا كان الكلام قد يتضمن معنى إن تابوا فإن اللَّه يغفر ويرحم لهم، ولا يجوز أن يكون في موضع خبر (الَّذِينَ)؛ لأن الَّذِينَ في موضع نصب بالاستثناء، ولا يحمل على المنقطع مع حسن المتصل؛ لأنه الأصل في الكلام والأسبق إلى الأفهام، عن علي بن عيسى.