قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم 92}
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى لا يقبل توبة هَؤُلَاءِ، ويستحيل أن يقال: إنه لا تقبل إذا أتوا بها على وجهها؛ لأن قبولها واجب، ولأنه لو كان كذلك لكانت ناقضة للآية الأولى وآيات كثيرة فلا بد من حملها على بعض الوجوه التي ذكرناها.
  وتدل الآية على أنه لا استدراك بعد الممات؛ فكان ترغيبًا للاستدراك في حال الصحة.
  وتدل على أن من استحق العقاب لو افتدى بجميع الدنيا لم ينفعه، ففيه ترغيب على الزهد في الدنيا والإنفاق في سبيل اللَّه، والإكثار من الطاعة قبل حلول الأجل ودوام الحسرة.
قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ٩٢}
  · اللغة: البِرُّ أصله من السعة، ومنه البَرُّ خلاف البحر، والبار فاعل البر، وهو الواسع الإحسان.
  · الإعراب: «تُنْفِقُوا» جزم لأنه شرط وجوابه «فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ».
  ويقال: لم قيل: «فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» على جهة جواب الشرط، واللَّه تعالى يعلمه على كل حال؟
  قلنا: فيه قولان:
  الأول: لأن فيه معنى الجزاء، تقديره: وما تنفقوا من شيء فإن اللَّه يجازيكم قَلَّ
  أم كثر؛ لأنه عليم به لا يخفى عليه شيء منه.
  الثاني: فإنه يعلمه موجودًا على الوجه الذي يفعلونه من حسن النية وغيرها، كما كان يعلم أنكم ستفعلونها.