التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين 91}

صفحة 1240 - الجزء 2

  بمحمد، ÷ قبل البعثة ثم كفروا بعده فازدادوا كفرًا وماتوا عليه، عن الحسن، وقيل: هم اليهود كفروا بالمسيح وازدادوا كفرًا بمحمد، عن قتادة، وقيل: هم سائر الكفار على حسب ما ذكرنا في النزول، وقيل: كفروا، وكلما نزلت آية كفروا بها فازدادوا كفرًا، وقيل: ازدادوا كفرًا بقولهم: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} عن قطرب، وقيل: هم أهل الكتاب لا تقبل توبتهم من ذنوبهم مع الإقامة على الكفر، عن أبي العالية، وقيل: هم الكفار أشركوا بِاللَّهِ ثم أقاموا عليه، عن مجاهد، وقيل: هم فرقة ارتدت، ثم عزمت على إظهار الإسلام تورية فأطلع اللَّه رسوله على سريرتهم، عن ابن عباس، وقيل: هم المرتدون أقاموا على الردة إلى وقت الأجل «لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ» قيل: التوبة الأولى في حال الاختيار، والثانية: في حال الإلجاء، وقيل: لأنهم لم يكونوا مخلصين، وقيل: لا يتوبون إلا عند حضور الموت والمعاينة، عن الحسن وقتادة وأبي علي وأبي مسلم، وقيل: بعد الموت، عن مجاهد، وقيل: لأنهم أحبطوها بالكفر، عن أبي علي والقاضي «وَأُوْلَئكَ هُمُ الضَّالُّونَ» قيل: الهالكون المعذبون، عن أبي مسلم، وقيل: الضالون في دينهم الجائرون عن الحق، عن الأصم، وقيل: الضالون عن الإيمان والصواب، عن أبي علي.

  ثم بَيَّنَ تعالى حال من مات على كفره فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ كفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ» أي بذله عوضا. قيل: لو افتدى به في دار الدنيا مع الإقامة على الكفر لا يقبل منه، حكاه الزجاج، وقيل: إنه في الآخرة لو كان له ما بين المشرق والمغرب ذهبًا لافتدى به لو وجد إليه السبيل، ولكن لا يقبل منه، قال قتادة: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان ملء الأرض ذهبًا أكنت مفتديًا به؟ فيقول: نعم، فيقال له: لقد سئلت أيسر من ذلك، ورواه أيضًا عن أنس عن النبي ÷ «أُوْلَئِكَ» يعني من مضى ذكرهم «لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» موجع، «وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ» من معين ينجيهم من العذاب.