التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين 96 فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين 97}

صفحة 1248 - الجزء 2

  وقراءة العامة: «آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ» وأراد المشاعر، وعن ابن عباس «آية بينة» على الواحد وأراد مقام إبراهيم.

  وقرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم «حِجُّ البيت» بكسر الحاء والباقون بفتحها، قيل: الفتح لغة الحجاز والكسر لغة نجد، ومعناهما واحد، وقيل المكسور اسم للعمل، والمفتوح مصدر جاز على فعله نحو: تكلم تكلمًا وكلامًا.

  · اللغة: البيت: واحد البيوت؛ لأنه يبيت فيه الإنسان، والبيت: عيال الرجل؛ لأنه يبيت عندهم.

  والبَكُّ: الزحمة بَكَّهُ يَبُكُّهُ بَكًّا إذا زحمه، وتباك القوم إذا ازدحموا، وسمي مكة بكة؛ لأنه مزدحم الناس للطواف، وقيل: البكة: دق العنق، وسميت مكة بذلك؛ لأنها تبك أعناق الجبابرة، وإذا ظلموا فيها لم يمهلوا، وقيل: سميت مكة لقلة مائها، يقال: مَكَّ الفصيل ضرع أمه إذا مص كل ما فيه من اللبن.

  والمبارك: مأخوذ من البركة، وأصله الثبوت يقال: برك يَبْرُكُ إذا ثبت، والبركة:

  ثبوت الخير بنموه، ومنه: «تبَارَك» لثبوته أبدًا.

  والآيات جمع آية، وهي العلامة والحجة.

  والمَقَامُ: موضع القيام، وهو مأخوذ من القيام.

  والحج: القصد في اللغة، وفي الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة في مكان مخصوص وزمان مخصوص.

  والاستطاعة: القوة، وهو مأخوذ من الطوع.

  والسبيل: الطريق.

  · الإعراب: اللام في قوله: «لَلَّذِي بِبَكَّةَ» لام التأكيد كقولك: إن في البيت لزيدًا، وقوله: «مُباركا» نصب قيل: على الحال من وضع، كأنه وضع مباركا، وقيل: بالظرف من