قوله تعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين 96 فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين 97}
  مكة على معنى الذي استقر بمكة مباركا، وعلى هذا التقدير لا يكون قد وضع قبله بيت كما يجوز في التقدير الأول، فأما «مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ» فرفع، قيل: على الابتداء، ويجوز أن يكون بدلاً من آيات، عن أبي مسلم، وقيل: تقديره: هو مقام إبراهيم، عن الأخفش، و «مَنِ اسْتَطَاعَ» في موضع جر؛ لأن المعنى: على من استطاع إليه سبيلا.
  · النزول: قيل: تفاخر المسلمون واليهود، فقالت اليهود: بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة؛ لأنها مهاجر الأنبياء في الأرض المقدسة، وقال المسلمون: بل الكعبة أفضل، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وبَيَّنَ صدق المسلمين، وأن فيها آيات ليست في بيت المقدس، وفيها مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنًا، ولله على الناس حجه، وليس ثم شيء من ذلك، عن مجاهد.
  وقيل: لما نزل قوله: «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيرَ الإسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ» قالت اليهود: فنحن المسلمون، فأمروا أن يحجوا إن كانوا مَسلمين فأبوا، عن عكرمة.
  · النظم: في اتصال الآية بما قبلها قيل: كان مما حاج اليهود أمر القبلة وأكثروا فيها وفي تفضيل مكة وبيت المقدس، فأنزل اللَّه في ذلك ما قطع الكلام.
  وقيل: كانوا أنكروا نسخ الشرع، وكان أظهرها نسخ القبلة فخاصموا في أمره وحاجوا فيه، فأنزل اللَّه هذه الآية جوابًا لهم.
  · المعنى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ» قيل: أول بيت بني ولم يكن قبله بيت، عن مجاهد وقتادة والسدي، وقيل: أول بيت وضع للعبادة، وقد كان قبله بيوت، عن علي والحسن والفراء، وروى أبو ذر عن النبي ÷ أنه، سئل عن أول مسجد وضع للناس؟